على أنه لم يف بهذا الوعد، بل استمرت الدعوة الهمجية وذاعت بين طبقات كثيرة، واعتنقها عدد من الأغنياء وذوي النفوذ، وبلغ عدد المجبوبين في هذه الفترة آلافاً كثيرة. وانتظم في سلك الطائفة يومئذ وصيف سابق للإمبراطور بطرس الثالث (فيدوروفتس) يدعى كوبليف، وأخذ يؤكد أن سليفانوف إنما هو القيصر بطرس بلا مراء، وإن القيصر إسكندر يعرف جيداً أن جده يعيش بين المجبوبين منذ عهد بعيد؛ وأسبغ سليفانوف على هذا الداعية لقب (النبي)؛ وهكذا أصبح سليفانوف يزعم أنه المسيح وأنه القيصر معاً
واكتشف حاكم بطرسبرج الكونت ملورادفتش أن ابني أخيه قد وقعا في شرك (المجبوبين) وأن أحدهما قد كابد بالفعل عملية الجب فثار سخطاً؛ وضاقت حكومة القيصر ذرعاً بهذا الاجتراء المجرم الذي لم تنج منه حتى طبقة النبلاء، فانتدبت في سنة ١٨٢٠ لجنة سرية للتحقيق. وبعد البحث قرر قرارها على اعتقال سليفانوف. وفي الحال اعتقل الداعية، ولكن في رعاية ورفق، وألقي في دير سوزدال؛ فارتاع أنصاره، وحاولوا السعي لإطلاق سراحه، ولكن الحكومة كانت هذه المرة جادة ثابتة العزم. ولما رأى الزعماء أن السلطات تتربص بهم وترقب حركاتهم عمدوا إلى أساليب السرية القديمة، وأخذوا يعملون في الخفاء، ويتظاهرون بأنهم من أخلص أنصار الكنيسة، ولكن السلطات قبضت على معظم زعماء الطائفة وزجتهم في مختلف الأديار والقلاع. وتوفي سليفانوف في معتقله سنة ١٨٣٢؛ ولكن (المؤمنين) يعتقدون إلى اليوم أنه حي، وأنه سيعود ليتولى السلطات في روسيا ويقيم يوم الحساب على نحو ما يعتقد الدروز في عودة الحاكم بأمر الله
ولم يخمد نشاط هذه الطائفة السرية العجيبة خلال القرن التاسع عشر، بل لبثت دعوتها تتسرب إلى جميع الطبقات؛ ونفذت الدعوة إلى الجيش بكثرة، واكتشفت السلطات مئات من (المجبوبين) في كرونستات وفي القوقاز، وأمر القيصر أن تؤلف من هؤلاء الخصيان فرقة خاصة في الجيش. وفي سنة ١٨٤٢ قدم جند هذه الفرقة إلى القيادة بلاغاً قالوا فيه أنهم لا يعترفون بالقيصر، وإن القيصر الحقيقي هو بطرس الثالث الذي اعتقل في سوزدال وأعلنت وفاته كذباً، فقبض على زعماء الفرقة ونفوا إلى سيبيريا
وتوالت محاكمات دعاة (السكوبتسي) خلال القرن التاسع عشر، وأدمجت في قانون