للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرجال عملية (الجب) في سن النضج، ويقول إن ذلك لا يضير الإنسانية في شيء

وفي سنة ١٩٢٩ اكتشفت السلطات السوفيتية محافل سرية للمجبوبين في موسكو ولننجراد، وظهر من التحقيق أن الدعاة يرتكبون جريمة التشويه، ويبشرون في اجتماعاتهم السرية باقتراب حكم القيصر بطرس الثالث؛ فقبض على كثيرين من الزعماء والدعاة، وحوكموا أمام المحكمة الثورية، وقضي على كثير منهم بالسجن (لأنهم يذيعون خرافة دينية تقترن بها فائدة مادية، ولأنهم ارتكبوا جرائم الضرب والجرح). ووقعت في سنة ١٩٣٠ محاكمة رنانة أخرى في لننجراد حيث قبض على كثيرين من أعضاء الطائفة وبينهم عدة من أكابر الأغنياء السابقين، وعدة من العاملات؛ فقضت المحكمة على الزعماء بالسجن، ولكنها قضت ببراءة الضحايا من العمال والعاملات. وظهر من التحقيق أن الطائفة تعمل بنشاط في جميع أنحاء روسيا، وأنها تبذل كل الوسائل وكل صنوف الإغراء لاجتذاب الأنصار، وأنها لا تحجم عن ارتكاب صنوف الإفساد والوعيد والعنف لتحقيق غايتها؛ وأنها تستظل في دعايتها ببعض نصوص الإنجيل والتوراة، وتعمد إلى خصي الأطفال وبذل العطايا للفقراء الذين يرتضون التشويه، واستخدام اليتامى ثم تشويههم بعد ذلك. وتجري عملية التشويه دون رسوم معينة بل تجري حيثما أمكن؛ ويأخذ الداعي على الضحية دائماً عهداً وثيقاً بالكتمان. وظهر أيضاً أن الدعاة يجتمعون تحت جنح الظلام في مصلى خفي يقام فيه حاجز بين الرجال والنساء، ويرتدي (المؤمنون) ثياباً بيضاء ويحملون الشموع المنيرة، ويتلون صلوات من تأليف رسلهم ودعاتهم، ويتمايلون أثناء الصلاة في حركات عنيفة تبلغ أحياناً درجة الهيام

وهكذا نرى أن هذه الطائفة السرية التي قامت منذ القرن السابع عشر على مبادئ وثنية، وأساطير روحية سخيفة، والتي تتوسل إلى تحقيق مثلها بأشنع الأساليب البربرية، لا تزال تقوم إلى اليوم في قلب أوربا، وفي قلب روسيا السوفيتية التي يغمرها جو من الإلحاد والإنكار لم تعرفه من قبل أمة من الأمم. على إن قيام هذه الطائفة الهمجية في قلب روسيا بالذات أمر يمكن فهمه وتفسيره، ففي قفار روسيا النائية توجد مجتمعات من الفلاحين يسحقها الجهل والفقر، وتنحدر في سذاجتها إلى مستوى يدنو من الهمجية، وفي هذه المجتمعات الساذجة المتأخرة تفشو الخرافات والأساطير الدينية بصور مروعة تذكرنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>