وتم لك النصر! فهنيئاً لك! تَغَنّي أناشيد الفرح واللذة الصارمة لأنك قتلت إيفيس! اعقدي فوق هامتك إكليل الغار لأنك أذللت قلبه العزيز، ومرغت في التراب روحه العالية. . . ولكن أصغي إليّ يا متحجرة القلب. . . لقد عولت على أن أشرب كأس المنون، ولكني آثرت أن أشربها أمامك إن لم يكن بين يديك، لتتلذذ عيناك بهذا المنظر الموجع الأخير، وليبتهج قلبك بآخر صورة من صور انتصاراتك عليّ. . . بيد أني أهتف بك يا آلهة السموات أن تثأري لي، وأن تجعلي لي ذكراً في قصص المحبين يتناقله الخلف عن السلف، ويتذاكره الناس في طويل العصور والآباد. . .) وكانت السماء كلها تصغي لما يقول إفيس فلبّت واستجابت. . . وكان قد ربط حبل مشنقته في قضبان البوابة، وجعل أنشوطتها في عنقه، فلما انتهى من مقالته ألقى بنفسه. . . وقبضت روحه! ولم تتحرك أناجزرتيه مع ذاك، بل أرسلت خدمها الذين نقلوا الجثة إلى أم الفتى وهم يبكون ويضجون. . . وصرخت الأم المفجوعة وولولت على وحيدها، ثم حمل الجثمان في إران إلى المقابر، ومر الموكب الحزين من الشارع الذي فيه قصر الفتاة القاسية، فصعدت لتنظر إليه، ولكنها ما كادت ترى إلى الجثة مسجاة في النعش حتى تثلجت عيناها، ثم استحالتا إلى رخام بارد. . . وروعت لما أصابها، وأرادت أن ترجع قليلاً، ولكنها لم تستطع لأن الرخام سرى في قدميها أيضاً. . . ثم في ساقيها. . . ثم في ذراعيها. . . ثم في جميع جسمها. . . أما قلبها، فقد كان رخاماً منذ زمن بعيد. . . وكذلك تحولت أناجزرتيه إلى تمثال ما يزال محفوظاً في متحف فينوس بسلاميس. . . عظة وذكرى. . .)
وكأنما عملت القصة عملها في نفس بومونا. . . فانذرفت من عينيها الحزينتين عبرتان حارّتان. . . ونظرت لترى إلى العجوز. . . ولكن. . . لقد كان فرتمنوس العاشق الحزين الجميل القوي يجلس مكانها، ويأخذ برأس الفتاة على صدره. . . فقالت له: