والمدافع عن الوطن وأراضيه، وهو السيد الآمر الناهي في جميع مرافق البلاد، فهو رئيس الدولة ومصدر جميع سلطاتها وكان يستمدها من الآلهة رأساً
كان الملك يباشر القضاء إما بنفسه وإما بواسطة موظفيه الدينيين أو المدنيين. ولم يكن هؤلاء القضاة منقطعين لأعمالهم القضائية، بل كان بعضهم من الكهنة وبعضهم من كبار العلماء يختارهم الملك للقضاء مضافاً ذلك إلى وظائفهم. وكان للملك الرأي الأعلى في القضاء بالرغم من أنه كان يسمح لغيره بالفصل فيه. وكان لأي فرد من رعايا الملك أن يطلب الإنصاف منه إذا ظلم، فيعيد الملك النظر في القضية ويفصل فيها بنفسه. وكان للملك الحق المطلق في النظر والفصل في القضايا؛ وله أن يستعمله بنفسه أو ينيب غيره فيه بناء على التماس يرفع إليه من المتظلمين عن حكم اعتبروه جائراً وقد فصل فيه غيره. وكانت هذه الحالة الأخيرة هي الشائعة، فكان الملك لا يجلس للقضاء في الأكثر إلا إذا اشتكى أحد رعاياه من الحكم الصادر عليه وطلب منه التدخل
كانت مصر مقسمة إلى عدة أقاليم يدير شؤون كل منها رئيس هو حاكم الإقليم ونائب الملك فيه؛ وكانت له كل السلطة العمومية من إدارية وقضائية على جميع أنحاء إقليمه. وكان إذا جلس للقضاء وجب عليه أن يشرك معه مجلساً مكوناً من قضاة يعينهم الملك؛ وكان لهذا المجلس بعض المدونين. وانقسم كل إقليم إلى مراكز عدة، وانقسم كل مركز إلى عدد من المدن والقرى تكوّن جملة نواح؛ وكان في كل ناحية محكمة يختار قضاتها من أهلها وتنظر في القضايا البسيطة، وكانت أحكامها قابلة للنظر فيها من المحكمة العليا التي كان مقرها عاصمة القطر، فلم تكن السلطة التنفيذية إذن مستقلة عن السلطة القضائية، فالوزير الأكبر كان رئيس الحكومة، وهو في ذات الوقت رئيس المحكمة العليا وله سلطة القضاء في المملكة. كذلك كان حكام الأقاليم رؤساء لمحاكمها. وكان الحكم يصدر متوجاً باسم الملك؛ وكان يطلق على القضاة لقب (ساب) وكانت وظيفة القاضي يرمز لها بالهيروغليفية بصورة ابن آوى. وكان القضاة يؤدون قسماً يلزمهم الطاعة لجميع أوامره متى كانت عادلة. وكانت القوانين تسجل في دار العدل ويعتبر تسجيلها في هذه الدار بمثابة نشر لها، إذ بمجرد تسجيلها تسري على أهل البلاد. أما المراسيم فكانوا لا يسجلونها في دار العدل، بل كانت تنفذ بمجرد ختمها بخاتم الدولة