للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشكر.

دمشق - علي الطنطاوي - ليسانسيه في الحقوق من المجمع

الأدبي

يسأل الأستاذ الفاضل أتنشر الرسالة ما تنشر من الأدب لأنه يسير في طريقها المرسومة إلى غايتها المعلومة، أم تنشره لأنه أمتاز بشرف القول وبلاغة العرض وحسن الأداء، ثم يصوغ هذا السؤال نفسه صيغة فنية فيقول: نعمل وغايتنا (الأدب للأدب) أم نعمل وغايتنا (الأدب للحياة) ثم حصر حياتنا اليوم في النضالالمقدس عن القضية العربية الكبرى. وأنحي باللائمة على شعرائنا الغزليين الذين غلبت على طباعهم الميوعة فذابوا على أقدام الغيد، وتركوا جيش الجهاد يسير من غير موسيقى! ثم شرح الأستاذ أسئلته بطائفة من الآراء الحماسية يدعو بعضها إلى جدال طويل. أما خطة الرسالة وغايتها فلعل الأستاذ يذكر أننا رسمناها في استهلال العهد الأول منها، وما نشرنا ولن ننشر إلا ما يساير هذه الخطة ويقابل هذه الغاية بوجه من الوجوه. فنقول بوجه من الوجوه لأن القول بأن: (يتفق طائفة من شيوخ الأدب وقادته على مذهب واحد فيه، ثم يعلنوا هذا المذهب للناس ليتبعوه) قول تأباه الطبيعة وتنكره أصول الفطرة مادام الأدب بمعناه الأخص هو التعبير الجميل عن العواطف والأخيلة والأفكار. وذلك التعبير يختلف بالضرورة في كل كاتب باختلاف تربيته وطبيعته وذوقه. وفي ظننا أن تحديد الغاية من الأدب وتوحيد الطريق إلىهذه الغاية لا يدخلان في حدود الإمكان إلا إذا استطعت أن توجه أهواء النفوس في متجه لا تتنكبه، وتحصر خواطر الذهن في مضطرب لا تعدوه.

وأما (أن الأدب العربي الحديث قد شب ولم يعد طفلا يدلل ويرقص) فرأي يخامرني فيه كثير من الشك، لأن أدبنا لا يزال يطلب من النقد أن يهدهده كالأم، ويربت على ظهره كالأب، فإذا حذره مزالق الهوى والطيش، بشيء من الجد صاح وأعول ودبدبت رجلاه في الأرض، وراح يرسل السباب ويعلن الشكوى في غير سداد ولا فطنة. هذه جملة قصيرة من الجواب عجل بها إليك مساسها بخطة الرسالة. أما سائر الجواب فستقرأه في العدد المقبل؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>