للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلماذا إذن لا ينحو بعض أدبائنا هذا المنحي. ويكون لنا ديوان في الأدب القومي، كما للفرنسيس ديوان، وللإنجليز ديوان، وللأتراك ديوان، ولماذا لا تنبذ هذا الأدب الرخو المخدر الذي ينزع الرجولة من نفوس شبابنا ويجعل المثل الأعلى للحياة في آرائهم، أن ينفقوا الحياة في عبادة امرأة يعشقونها، أو يتخيلون أنهم يعشقونها. ويقطع بأساليبه الأعجمية العجيبة الصلة بيننا وبين أدبنا القديم، ويضيع علينا هذا التراث القيم الذي تظاهرت على إيجاده ثلاثة عشر قرنا؟ ولماذا لا يجهر الشيوخ والمصلحون في الأدب العربي، بالدعوة إلى (الأدب القومي) وينقذوننا من هذا الأدب المخدر السام؟ ولماذا لا تكون أنت في الرسالة. صاحب هذه الرسالة؟ ثم. . إلا ترى يا سيدي أن هذا الضعف والخور في غزلنا سخف ماله مبرر، وأن المرأة والرجل إنسان واحد، كلاهما فيه عنصر القوة وعنصر الأنوثة، والحب جامع العنصرين، فالرجل يحب ليكمل قوته بأنوثة المرأة. أي أنه يحب أنوثتها وهي تحب قوته، فإذا أضاع هذه القوة، ولم يحظ بأنوثة المرأة، لم يكن رجلا ولا أمرأة، ولكن مخلوقا شيطانيا بغيضا، وكان كالغراب والقبرة، أو (كصاحبة الماء) لا هي أبقت ماءها. ولا هي أصابت طهرها؟ وما بالرجل من يحب من بأس، ولكن على أن يظل رجلا يقوم على قدميه، ويدل بعضلات من حديد وإرادة من فولاذ، وأمل في الحياة يملأ الحياة، ثم يقول لمن يحب: أنا قوي وأنا أحبك فتعالي لا أن يجيئها ضعيفا مسهدا.

والمرأة لو خيرت لما اختارت على الرجل القوي الحي بأمله ولمستقبله الرجل الأصفر النحيل الباكي البائس الميت من قبل الممات. هذا خليق به القبر وذاك الذي يستحق الحياة.

فالام إذن يثير شعراؤنا على هذا الغزل السخيف، ويغني مغنونا به ويكون لجيل المستقبل سما زعافا؟. .

هذه هي القضية التي جئت استفتيك فيها. واستفتي أدباء الرسالة؛ وأني لأعتقد أنها من الخطر بالمكان الاسمى. وبين لا ونعم فيها فرق ما بين الحياة والموت؛ لأن الأدب كالسيف القاطع، شتان بين أن تضرب به لترى وميضه في الجو و (الجمال الفني) في هذا الوميض ثم لا تبالي أذراعاك أصاب فقطع أم هو قد أصاب الجدار، وبين أن تجلل به خصما لك فاتكا أو وحشا كاسرا. على إن هذا ضرب وذاك ضرب وهذا أدب وذاك أدب. .

فإذا تفضلتم يا سيدي بنشر هذه الرسالة في الرسالة وتفضلتم بالجواب كان لكم الفضل

<<  <  ج:
ص:  >  >>