للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يباشر التحقيق وأن يقيم الدعوة العامة وأن يأمر بالقبض إن وجد لذلك مسوغاً. وكانت له بجانب وظيفته القضائية هذه اختصاصات أخرى مالية وإدارية. وقد أمكننا أن نعرف وظائفه على وجه التحديد في عهد الرمامسة أي في عهد الأسرة التاسعة عشرة. وكانوا يسمونه تارة (لسان الملك) وأخرى (فم الملك) وثالثة (نِمْ) وكما أن للنائب العام في زماننا وكلاء يباشرون الدعوى نيابة عنه في الجهات الأخرى المختلفة كذلك كان (للسان الملك) وكلاء يسمون دِنُو في الأقاليم وكانوا يباشرون الدعوى العامة أمام محاكم الأقاليم الجنائية، وكان عضو النيابة يدخل في صميم تشكيل المحكمة الجنائية عادية كانت أم غير عادية. وكان يثابر على حضور الجلسات، وكان يذكر اسمه عقب القضاة وقبل الكتبة في محاضرهم؛ وكان قدماء المصريين يعترفون للمؤسسات الدينية بالشخصية المعنوية وبذلك سمحوا لها بالتقاضي أمام المحاكم. وكان للمحكوم له أن يحجز على أموال المحكوم عليه. وكان للأفراد حق رفع الجنحة المباشرة إلى المحكمة إذا لم تقم النيابة العمومية أي (لسان الملك) ووكلاؤه برفع دعاويهم

ووجد بكل محكمة قلم لتلقي العرائض وآخر للمحفوظات تحفظ به سجلات الأحكام، وكانت محاضر جلسات المحاكم الجنائية العادية مكتوبة ومطولة تشمل كل التحقيقات من أسئلة وأجوبة واستجوابات وشهادة شهود إلى غير ذلك، وكان يقوم بتدوينها كتبة يدخلون في تشكيل المحكمة

وقد فطن قدماء المصريين إلى ما في المرافعات الشفهية من ضرر قد يصيب العدل في صميمه نتيجة لتأثر القضاة بفصاحة اللسان فمنعوها وجعلوا معظم الإجراءات مكتوبة؛ وكان للمحكمة أن تنتدب الخبراء لمعاينة مكان الحادث أو لإجراء الكشف الطبي على المجني عليهم وفحص المتهمين

وقد أشفق قدماء المصريين على قضاتهم من فصاحة المحامي وحسن دفاعه وسحر بيانه وما قد يؤدي إليه ذلك أحياناً من الإغضاء عن الحق والقانون فلم يقروا نظام المحامين عن الخصوم أمام المحاكم واعتقدوا أنه قد يكون في بلاغتهم وفصاحة لسانهم وحسن منطقهم ما يغشي على الحقيقة فيتأثر القضاة بهم لما في البيان من السحر. وكانت الطلبات تعرض في مذكرات، ولكل من طرفي الخصوم الحق في الرد عليها كتابة، فيشرح المدعي دعواه

<<  <  ج:
ص:  >  >>