للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

٣ - أن يكوّن بناء على الحقائق فرضاً يؤول هذه الحقائق جملة

٤ - أن يجرب صحة الفرض بحقائق أخرى. فإذا قوي الفرض أدرك مرتبة النظرية

٥ - ويمكن أن تحيط النظرية بجميع الحقائق التي تبحث عنها بعد تجربة واختبار طويلين فتصبح قانوناً، وهو أقوى تعبير يجمل الحقائق العلمية

ولنضرب مثلاً يوضح الطريقة العلمية:

فالناس يعرفون الآن أن المادة ليست متلاحمة الأجزاء. فبين أجزاء قطعة من الحديد وإن ظهرت مصمتة فراغ كبير. واضح مثلاً أن بين أجزاء الفلين فراغ يملؤه الهواء أو فراغ مطلق لا شيء يملؤه. فالذي يشاهد أن الفلين يمتص الماء يفكر في الفراغ الذي ملأه الماء، فيخطر بباله أن لا بد وأن يكون بين أجزاء الفلين فراغ. فإذا ما لاحظ أن قطعة السكر تمتص الماء كذلك اشتد خاطره بأن هنالك مادة غير الفلين يتخلل الفراغ أجزاءها. فإذا ما لاحظ أن قطعة السكر تذوب في الشاي ترجح لديه أن بين أجزاء الماء نفسه فراغ تملؤه دقائق السكر الذائب. ذلك نمط من الحقائق يجمعها العالم، ويرافق جمعها في ذهنه فكرة توحد بين المشاهدات التي يقصدها منها. فهذه الفكرة هي الفرض

فإذا ما انطلق العالم يفتش عن مواد أخرى ويلاحظ ما إذا كان يفصل بين دقائق أجزائها فراغ، ويرى أن هنالك كثيراً جداً من المواد يصدق عليه ما خطر له في الفرض أكد فرضه فجعله نظرية

والنظرية التي يمكن أن تستنبط من مثالنا هذا هي أن بين جزئيات المادة فراغ. فإذا صادف العالم المحقق أثناء بحثه مادة كالبلاتين شديدة التماسك لا يبدو للمرء أول وهلة أن بين أجزائها فراغا حاول بكل وسائله الممكنة أن يعرف ما إذا كان هذا المثل يرد النظرية أو يؤيدها. فإذا ردها عاد العالم إلى حقائق أخرى، فإذا كانت المشاهدات الجديدة غير ممكنة التأويل على أساس النظرية المقترحة سقطت وبحث عن غيرها، وإلا فإنها تتأيد وتصبح بمنزلة القانون العام.

فأسلوب البحث العلمي واضح المعالم بيّن الطريق. وهو يقتضي كما مر عقلية خاصة وإرادة خاصة وشمولاً خاصاً في النظر لا يتاح لكثيرين. واتباع هذا الأسلوب الواضح هو الذي خطا بالعلم هذه الخطوات الواسعة، وفسح للعقل البشري هذه الآفاق العجيبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>