ولقيت الرافعي في خريف سنة ١٩٣٢، فتسرحنا في الحديث عن الحب، فكشف لي عن صدره في عبارات محمومة، وكلمات ترتعش، ثم قال:(. . . وإن صوتاً ليهتف بي من الغيب أن الماضي سيعود، وأنني سألقاها، وسيكون ذلك في تمام عشر سنين من رسالة القطيعة: في يناير سنة ١٩٣٤. . .) وأخذ يقبض أصابعه ويبسطها ثم قال:
(نعم، بعد أربعة عشر شهراً سيكون هذا اللقاء. . . إن قلبي يحس، بل إنني لموقن. . . بعد أربعة عشر شهراً، في تمام السنة العاشرة منذ فارقتها مغضباً، سنلتقي ثانية ويعود ذلك الماضي الجميل، إنها تنتظر، وإنني أنتظر. . .!)، وظل على هذا اليقين أشهراً وهو يحصي الأيام والأسابيع كأنه منها على ميعاد. . .!
ومضت السنوات العشر، ومضى أربعون شهراً بعدها وما تحقق أمله في اللقاء، حتى لقي الله. . .!
هذا هو الرافعي العاشق، جلوت صورته كما عرفته؛ أما هي، أما صاحبته التي كان من تاريخه معها ما كان، فهل كانت تحبه؟ وما كان هذا الحب، وماذا كانت غايته؟