صعدت في قمة التاريخ مأذنة ... لها من الحق والتاريخ أحجار
فإذا تركت الجامع الكبير فهناك مشاهد أخرى عظيمة، وذكريات جليلة
- هل مررت بالرجل الصالح نور الدين محمود ثم البطل المجاهد صلاح الدين يوسف؟ هل وقفت على ابن أيوب فقلت:
فيا لك قبراً على قربه ... تظل العقول به في سفر
ويالك قبراً كعين البصي ... ر يحوي العوالم منها صِغر
وهناك المدرسة العادلية وبها المجمع العلمي اليوم، والمدرسة الظاهرية حيث ضريح الملك الظاهر بيبرس وبها دار الكتب، ودار الحديث الأشرفية وكان من نزّالها العالم التقي الذي لم تأخذه في الحق رغبة ولا رهبة محيي الدين النواوي. ولا تزال حجرته بها معروفة. ويقول بعض المحدثين ولعله ابن حجر:
وفي دار الحديث لطيف معنى ... أطوفّ حول مغناه وآوي
لعلي أن أصيب بحُرّ وجهي ... مكاناً مسّه قدم النواوي
وهل صعَّدت في الصالحية إلى ضريح محيي الدين بن عربي أم نفرت من هذا الشيخ الغريب واللغز العجيب؟ على أن بجانبه بطلاً من أبطال الجهاد وسيفاً من سيوف الجلاد: الأمير عبد القادر الجزائري. وإن أردت مزار الرجل العالم الصالح الصوفي الشاعر ذي المناقب الحميدة وصاحب التأليفات الكثيرة الشيخ عبد الغني النابلسي فليس بعيداً من ضريح محيي الدين تسلك إليه طريقاً مقفرة بها مدارس دارسة، منها المدرسة القمرية
فإذا صعدت في الصالحية فهناك من الآثار ما يشق تعداده: مدارس ومساجد ومستشفيات، وهناك جامع الحنابلة الذي قرأ به الذهبي وابن قدامة وغيرهما من كبار العلماء، والمدرسة الضيائية وكانت تحفظ بها خطوط كبار المحدثين وهي اليوم كتَّاب، حتى ينتهي الصعود إلى مقبرة الصالحية حيث قبر محمد بن مالك النحوي في قبور كثيرة للعلماء والكبراء
وفي أطراف المدينة مشاهد كثيرة للصحابة فمن بعدهم. ولا تنس وقفة على قبر بلال في مقبرة الباب الصغير لترى الأذان مضمراً في كتابه، وتسمع الصوت مكنوناً في نايه، بل تسمعه جهيراً مدوّياً يملأ الفضاء، ويبلغ عنان السماء (كالخط يملأ مسمعي من أبصرا) أو كإشارات الموسيقى خطوط في البصر، ونغمات في الأذن، ووجْد في القلب. وهل الأذان