حبي فقال لها: يا عدوة الله احتلت على أمير المؤمنين وأخرجت عدوه. لأمثلن بك ولأصنعن ولأفعلن، فاجتمعت بنو أسد إليه وقالوا: ما سبيلك على امرأة منا خدعت؟ فخافهم فخلى سبيلها
قال: وسقط غراب على الحائط فنعب فقال الكميت لأبي وضاح: إني لمأخوذ، وإن حائطك لساقط، فقال له: سبحان الله! هذا ما لا يكون إن شاء الله، فقال له: لابد من أن تحولني، فخرج به إلى بني علقمة وكانوا يتشيعون، فأقام فيهم ولم يصبح حتى سقط الحائط الذي سقط عليه الغراب
قال ابن الأعرابي قال المستهل: وأقام الكميت مدة متوارياً حتى إذا أيقن أن الطلب قد خف عنه خرج ليلاً في جماعة من بني أسد على خوف ووجل، وفيمن معه صاعد غلامه، فأخذ الطريق على القطقطانة وكان عالماً بالنجوم مهتدياً بها، فلما صار سحيراً صاح بنا: هوِّموا يا فتيان، فهوَّمنا وقام يصلي، قال المستهل: فرأيت شخصاً فتضعضعت له، فقال: ما لك؟ قلت: أرى شيئاً مقبلاً، فنظر إليه فقال: هذا ذئب قد جاء يستطعمكم، فجاء الذئب فربض ناحية فأطعمناه يد جزور فتعرقها، ثم أهوينا له بإناء فيه ماء فشرب منه وارتحلنا، فجعل الذئب يعوي، فقال الكميت: ما له ويله؟ ألم نطعمه ونسقه؟ وما أعرفني بما يريد! هو يعلمنا أنا لسنا على الطريق: تيامنوا يا فتيان، فتيامنا، فسكن عواؤه، فلم نزل نسير حتى جئنا الشام فتوارى في بني أسد وبني تميم. وأرسل إلى أشراف قريش وكان سيدهم يومئذ عنبسة بن سعيد بن العاص، فمشت رجالات قريش بعضها إلى بعض وأتوا عنبسة فقالوا: يا أبا خالد هذه مكرمة قد أتاك الله بها. هذا الكميت بن زيد لسان مضر، وكان أمير المؤمنين كتب في قتله فنجا حتى تخلص إليك وإلينا. قال فمروه أن يعوذ بقبر معاوية ابن هشام بدير حنيناء، فمضى الكميت فضرب فسطاطه عند قبره، ومضى عنبسة فأتى مسلمة بن هشام فقال له: له يا أبا شاكر مكرمة أتتك، بها تبلغ الثريا إن اعتقدتها، فإن علمت أنك تفي بها وإلا كتمتها، قال: وما هي؟ فأخبره الخبر، وقال: إنه قد مدحكم عامة وإياك خاصة بما لم يسمع بمثله، فقال: عليّ خلاصه فدخل على أبيه هشام وهو عند أمه في غير وقت دخول، فقال له هشام: أجئت لحاجة؟ قال: نعم، قال: هي مقضية إلا أن يكون الكميت فقال: ما أحب أن تستثني علي في حاجتي، وما أنا والكميت! فقالت أمه: والله لتقضين حاجته كائنة