للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما كانت، قال: قد قضيتها ولو أحاطت بما بين قطريها، قال: هي الكميت يا أمير المؤمنين، وهو آمن بأمان الله عز وجل وأماني، وهو شاعر مضر، وقد قال فينا قولا لم يقل، قال: قد أمنته وأجزت أمانك له، فاجلس له مجلساً ينشدك فيه ما قال فينا. فعقد له وعنده الأبرش الكلبي، فتكلم بخطبة ارتجلها ما سمع بمثلها قط، ومدحه بقصيدته الرائية، ويقال إنه قالها ارتجالاً وهي قوله:

قِفْ بالديار وقوفَ زائِرْ

فمضى فيها حتى انتهى إلى قوله:

ماذا عليك مِنَ الوقو ... ف بها وإنك غيرُ صاغِرْ

درجتْ عليها الغاديا ... تُ الرائحاتُ من الأعاصر

وفيها يقول:

فالآنْ صرتُ إلى أُمَيَّ ... ةَ والأمورُ إلى المصاير

وجعل هشام يغمز مسلمة بقضيب في يده فيقول: إسمع إسمع، ثم استأذنه في مرثية ابنه معاوية فأذن له فأنشد قوله:

سأبكيك للدنيا وللدين إنَّني ... رأيت يد المعروف بعدك شُلَّتِ

أدامتْ عليك بالسلام تحيةً ... ملائكةُ الله الكرامُ وصلَّتِ

فبكى هشام بكاء شديدا، فوثب الحاجب فسكته، ثم جاء الكميت إلى منزله آمناً فحشدت له المضربة بالهدايا، وأمر له مسلمة بعشرين ألف درهم، وأمر له هشام بأربعين ألف درهم، وكتب إلى خالد بأمانه وأمان أهل بيته، وأنه لا سلطان له عليهم. وجمعت له بنو أمية فيما بينها مالا كثيراً، وودع هشاماً وأنشده قوله فيه:

ذكر القلبُ إلْفَهُ المذكورَا

وهذه هي الرواية الأولى فيما كان بين الكميت وخالد بن عبد الله وهشام بن عبد الملك بسبب تلك القصائد السابقة

عبد المتعال الصعيدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>