روسيا حيث أنشأ معملا لصناعة الطوربيد، ثم عاد به إلى السويد وخلَّف أخاه الأكبر قوّاما على ذلك المعمل فوسعه ومدده. وفي السويد بدأ نوبل بدراسة الناسفات. وكان الوقت ملائما لهذا الدراسة، فأن النزاع بين الدول كان يشتد وأسباب الخصام تتكاثر، وزادت الريبة وأشكل المستقبل ورأت كل أمة خلاصها من الحرب في العدة للحرب. ومن الغريب أن العالم لم يكن يعرف ويألف من الناسفات إلى ذلك العصر غير البارود، وكانت الكيمياء الحديثة قد بدأت تشب. والتفاعلات الكيماوية تدرس فتعرف فكان من الطبيعي أن تتجه الأمم في تنافسها إلى الكيمياء علها تجد عندها سلاحا جديدا أمضى من الحديد، أو مرادفا أقوى وأفتك من البارود. فدرس الدارسون وأجتهد المستنبطون، تارة يستحثهم المجد، وتارة يغريهم المال، وتارة أخرى تلهبهم القومية وما تتضمنه من ضرورة في دفاع، أو إشباع لأطماع، فكشفوا في النصف الأخير من القرن الماضي عن طائفة من الناسفات طالعنا آثارها في الحروب التي تتابعت من ذلك العهد، رأينا فعلها وسمعنا دويها في الحرب الكبرى الأخيرة التي ذهبت ببضعة ملايين من بني الإنسان.
بدأ نوبل دراسته فوقع على مادة اسمها (النترو - جلسرين) وذلك عام ١٨٦٤. وهذا المادة كان قد وقع عليها من قبله كيماوي آخر يدعى سبريرو عام ١٨٤٦ وحضرها بأسترة الجلسرين وحامض الأزوتيك الا أنه لم يحقق ماهيتها ولم يدرك خطرها في النسف وشدتها عند الإلهاب والطرق. فاتجه نوبل إلى دراستها رجاء إحلالها محل البارود، وإلى تحضيرها جملة، وإلى تعرف أسباب الحيطة لتجنب أخطارها أثناء التجهيز. ونجح في كل هذا بعد أن أصابه من مخاطرها ما لا بد منه، فحضرها مادة مائعة ثقيلة تشبه الزيت، فبدأ يشيع استخدامها في المرافق الحربية والمدنية. وهي إذا تفرقعت استحالت فجأة إلى أحجام كبيرة من غازات أهمها غاز الكربونيك والازوت والأوكسجين وبخار الماء تزيدها حرارة التحلل تمددا. حسب نوبل مقدار ما ينبعث من غاز فوجد أن الحجم الواحد من الزيت يخرج ١٢٠٠ حجم من الغاز، هذا باحتسابه في حرارة الجو العادية وتحت الضغط العادي، أما وهو في حرارة التفاعل فيبلغ ثمانية أضعاف ذلك. وعلى ذلك فهذا الزيت أقوى من البارود ثلاث عشرة مرة. إلا أنه لم يكن كالبارود لينطلق بسهولة. ومع هذا كان إحساسه عند الاصطدام كبير. ففكر نوبل ثم فكر، فخال أن يدس فيه شيئا قليلاً من البارود يصله