وعالج نوبل هذا الفالوذج الجديد (بالسليولويد) أو (الطبخ) فوقع على مفجّر جديد أسماه (باليستيت) من خواصه أنه إذا انفجر لا يملأ الجو بالدخان، وهو من نوع الناسفات الشائعة في الجيوش اليوم. وكان قد أتصل بالحكومة الإنجليزية يعمل معها، فسجلت هذه الحكومة ناسفاً جديداً أسمته (كورديت) كان يشبه (الباليستيت) شبها قويا، فخاصم نوبل عليه وادعاه لنفسه واتفقا معا على رفع الأمر للقضاء والرضاء بما يقسم دون أن يعكر ذلك ما بينهما من صفاء، وكانت قضية فيها تعقد وفيها إبهام، وكان فيها للقضاة لا شك حيرة كبيرة، وأخيراً فازت الحكومة، فغرم نوبل ثلاثين ألفا من الجنيهات، فغاظة ذلك وترك في نفسه أعقابا.
أن الناسفات أداة للدمار السريع الشامل تنزل على البلد ذي الأهل الكثير والسكن المشيد فلا تترك فيه لا أهلا ولا سكنا، وتذهب في ساعات أو أيام بآثار للمدنية ظل المجهود الإنساني يعمل فيه القرون، آثار لا تقتصر على أبنية ضخمة، ومكاتب مشيدة، ودور للتحف مليئة، ومنشآت للصناعات وسيعة، بل تشمل أكبر أثر وأثمن خلف، ذلك الإنسان نفسه، تلك الجماجم البشرية التي تَطيح وبها تراث الأمم وثقافات الأجيال وودائع الدهور. والناسفات كذلك أداة للخير فقد أفادت الإنسان ونفعت العمارة والمدنية بتكسير الصخر وتفكيك الحجر وخرق الأنفاق وثقب الجبال وفي حفر القنوات حيث الأرض صلدة لا ينفع فيها عضل السواعد. والمقدار الذي يستنفد منها في ذلك أضعاف ما يستهلك في الحروب. والمنشآت الهندسية الكبرى كقناة بنما والسكة الحديدية الكبرى في أمريكا الشمالية التي تصل المحيط الأطلسي بالهادي، وبناؤها برغم الجبال العاتية التياعترضت بناءها، وغير ذلك من المستحدثات العالمية الخطيرة شواهد لا تنازع على ما أدت الناسفات من خدمات جليلة يرد نصيب كبير من الفضل فيها إلى نوبل.
استخدم نوبل في شبابه وكهولته رأس الشاب وحيلة الكهل في فك قيود عن قوى للطبيعة عاتية، ولعله رجا ان تكون وسيلة لمغالبة الطبيعة لا مغالبة الإنسان، ثم رأى حقيقة ما صنع شيخاً، وأحس خيبة ما أمل، فصرف أواخر أيامه في بث الدعوة إلى السلام، وتخيل فعلاً للأمم نظاما أشبه شيء بجامعة الأمم الحاضرة وقد ولدت بعد وفاته بربع قرن. وكأنما أراد أن يكفر عن الخراب الذي جاء الأمم على يديه في حياته، والخراب الذي خال أن