تبديل تعاليمنا لكي نعالج الأدواء الاجتماعية التي تنشأ عن التطور ذاته، منها خطأ التوفيق بين العواطف القديمة والعقائد الجديدة، وإبادة الأفكار التي نشأ عليها الأقدمون. هذا ما يحف بالغرب الآن، فنظام الأسرة والمنزل والدين والأخلاق والإيمان كله يتغير أو سائر في طريق التغير، والأصول التي عشنا عليها حتى الآن قد وضعتها المذاهب العصرية تحت المناقشة! وما سوف يخرج من العلم الحديث لا يستطيع أحد أن يفوه به! الجماعات تهيم اليوم وراء تعاليم بسيطة تؤلفها من نظرات سلبية غريزية، ولكن نتائج هذه السلبية لم تستشفها بعد نظراتها. هنالك الوهيات جديدة حلت محل ألوهيات قديمة، والعلم الراهن يجرب أن يذود عنها، فمن ذا يستطيع القول بأنه سوف يذود عنها في المستقبل؟
أما في الشرق فالحالة مباينة لما هي عليه في الغرب. فبدلاً من أقسامنا وأسباطنا وبدلاً من حياتنا المتوقدة نرى الشرق يعيش في وسط تسعده السكينة والراحة العميقة. وهذه الشعوب التي تؤلف بعددها أعظم نوع في البشرية قد بلغت منذ زمن طويل هذا الاستقرار الهادئ الذي يقال أقل ما فيه انه صورة السعادة. وهذه المجتمعات القديمة قد صانت من صلابتها ومتانتها ما فقدته مجتمعاتنا، والإيمان الذي فقدناه مازال الشرقيون يعتصمون به، والأسرة التي بدأت تتحول وتتشقق - عندنا - لا تزال ثابتة صلبة عندهم، والمذاهب التي أضاعت كل تأثير عندنا لا تزال مسيطرة عليهم، والدين والأسرة والتعاليم وسلطة التقاليد والعادات وكل القواعد التي جاءت بها المجتمعات القديمة والتي تقوضت دعائمها في الغرب نراها حافظت على ملامحها في الشرق، والأمر الأعجب فيها أن الشرقيين لم يفكروا في تبديل هذه القواعد أو انتقاء سواها