أيدينا غلاف مجلة (الرسالة) ترى فيه المرأة حاملة شعلة الوعي والثقافة؟ على أن وحي المرأة ورسالتها لا يقتصران على عالم الفن وإنما يلعبان كذلك دورا خطيرا في الحياة العملية وخصوصا في أشد ظروف الحياة صعوبة وخطرا، فترى المرأة تصحب الجيوش إلى ميادين القتال لا لتضميد الجراح فحسب، بل لتقوية العزائم وبث روح الاستبسال والتضحية في النفوس أيضا.
ذلك هو المكان الرفيع الذي تشغله المرأة في الحياة فضلا عن وظيفة الأمومة التي تستدعي الإيحاء باستمرار إلى الأبناء، والمرأة الصمرية بصرف النظر عن وظيفتها الخاصة تحمل رسالة مزدوجة لبنات جنسها ولأبناء وطنها وهم في فترة التطور الحرجة.
وماذا عسى أن تكون هذه الرسالة التي تضطلع بأعبائها المرأة؟ أن الشهد لا يصنع إلا من رحيق الزهر، ونموذج الفن لا يوحي إلى النفس بالكمال إلا إذا بلغ نهاية الإجادة. . فمن الطبيعي إذن أن تكون رسالة المرأة هي حثها على أتباع ما يجعلها أهلا للوحي والإلهام بان تعمل على تجميل النفس قبل تجميل الوجه والثوب، فإذا لم تسم روح الفتاة وتعل همتها لا تصلح للقيام بمهمتها. فالفتاة العابثة المستهترة التي تكتفي بالقشور من ألف صنف للتمويه والتغرير. والفتاة التي لا تعيش لمثل أعلى بل لا تخرج عن عالمها المادي المحسوس وضروريات الحياة الأولية، لا يمكن ان ترفع إلى سماء الوحي لأن المادة المتغلغلة فيها تقعد بها عن النهوض والسمو.
ورسالة المرأة للرجل تنسجم مع رسالتها السالفة وتتفق مع أغراض وحيها، فتيار المادة في نفس الرجل ونفس المرأة قد طغى وأقام حجابا بينهما وبين المثل العليا. وأصبحنا في عصر قلما يصغي فيه لوحي غير وحي المنفعة الذاتية، ونتج عن ذلك ضعف روح الاستبسال من أجل الوطن والمبدأ والعقيدة، وصرنا نفر من المقاومة إذا أبصرنا الخصم أكثر منا عددا وأعظم عدة، فكأن الغرض مجرد الانتصار لا تأدية الواجب وإراحة الضمير بصرف النظر عن النتائج. فرسالة المرأة في هذه الحال هي الحث على العودة إلى تعاليم الفروسية، لأن أهم ما يفتقر إليه الرجال حقا هو تلك الروح السامية التي أكسبت العصور الوسطى جل مالها من جلال ووقار. فقد كان الفارس يخوض المخاطر ويركب الأهوال في سبيل عقيدته ووطنه، وكان يضع الشرف والكرامة فوق الحياة نفسها، ويرتبط بالعهد