ذكر أبو بكر بن العربي في رحلته أنه دخل بدمشق بيوت بعض الأكابر فرأى فيه النهر جارياً إلى موضع جلوسهم ثم يعود من ناحية أخرى. قال أبو بكر: فلم أفهم معنى ذلك حتى جاءت موائد الطعام في النهر المقبل إلينا، فأخذها الخدم ووضعوها بين أيدينا، فلما فرغنا ألقى الخدم الأواني وما معها في النهر الراجع فذهب بها الماء إلى ناحية الحريم من غير أن يقرب الخدم تلك الناحية. فعلمت السر، وإن هذا لعجيب
٣١٤ - أشهى إليّ من الدنيا وزخرفها
علي بن الجهم:
لجلسةٌ مع أديبٍ في مذاكرة ... أنفي به الهم أو أستجلب الطربا
أشهى إليَّ من الدنيا وزخرفها ... وملئها فضة أو ملئها ذهبا
٣١٥ - اللغة والدولة
في (الإحكام في أصول الأحكام) لابن حزم: إن اللغة يسقط أكثرها ويبطل بسقوط دولة أهلها، ودخول غيرهم عليهم في مساكنهم، أو بنقلهم عن ديارهم واختلاطهم بغيرهم، فإنما يقيد لغة الأمة وعلومها وأخبارها قوة دولتها ونشاط أهلها وفراغهم. وأما من تلفت دولتهم، وغلب عليهم عدوهم، واشتغلوا بالخوف والحاجة والذل وخدمة أعدائهم فمضمونٌ منهم موت الخواطر؛ وربما كان ذلك سبباً لذهاب لغتهم ونسيان أنسابهم وأخبارهم وبيود علومهم. هذا موجود بالمشاهدة ومعلوم بالعقل ضرورة
٣١٦ - السلطان، الملك
في (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي): مصطلح الدول أن السلطان من ملك إقليمين فصاعدا. فإن كان لا يملك إلا إقليماً واحداً سمي بالملك، وإن اقتصر على مدينة واحدة لا يسمى بالملك ولا بالسلطان بل بأمير البلد وصاحبها. ومن هذا يعرف خطأ كتاب زماننا حيث يسمون صاحب حماة سلطاناً، ولا ينبغي أن يسمى سلطاناً ولا ملكا لأن حكمه لا يعدوها، فكأنهم خرجوا عن المصطلح. ومن شرط السلطان ألا يكون فوق يده يد، ولا كذلك صاحب البلدة الواحدة، فإن السلطان يحكم عليه، وأما حكم السلطان على الملك وعدم حكمه فيختلف باختلاف القوة والضعف