في (الإحاطة في أخبار غرناطة) لمحمد لسان الدين بن الخطيب: خرج إبراهيم بن محمد بن مفرج (همشك) متصيداً وفي صحبته قارعو أوتار الغناء في مائة من الفرسان، فما راعهم إلا خيل العدو هاجمة على غرة في مائتين من الفوارس. فقال: إذا كنتم أنتم لمائة وأنا لمائة فنحن قدرهم؛ ثم استدعى قدحاً من شرابه وصرف وجهه إلى المغني وقال: غن لي:
يتلقى الندى بوجه حياء ... وصدور القنا بوجه وقاح
هكذا هكذا تكون المعالي ... طرقُ الجدّ غير طرق المزاح
فغناه، واستقبل العدو وحمل عليه بنفسه وبأصحابه حملة رجل واحد، فاستولت على العدو الهزيمة، وأتى على معظمهم القتل، ورجع غانماً إلى بلده. ثم عاد للصيد في موضعه ذلك، وأطلق بازه على حجلة فأخذها، ورأى نصلا من نصال المعترك من بقايا الهزيمة فأخذه من التراب، وذبح الطائر، واستدعى الشراب، وأمر المغني فغناه بيت أبي الطيب:
تذكرتُ ما بين العذَيب وبارق ... مجرَّ عوالينا ومَجرى السوابق
وصحبة قوم يذبحون قنيصهم ... بفضلة ما قد كسّروا في المفارق