وتمزيق المجتمعات، وفي ترقب الفرص غير المشروعة وتنظيم الاعتداءات الاستعمارية.
والواقع أن الفاشستية الإيطالية لا تنكر جنوحها إلى هذه الخطط، فهي تنادي علناً بأن الحق للقوة وحدها، وتسخر من كل عهد أو ميثاق أو حق لا تؤيده القوة، وهي تجري على سياسة مكيافيلية خالصة تبرر لتحقيق الغاية كل الوسائل.
فكيف تستطيع مصر بعد ذلك كله أن تثق بتأكيدات رومة الودية وتطمئن إليها؟ إن التاريخ يعيد نفسه دائماً، ومصر ترجو ألا تكون ميداناً للوثبة القادمة.
ومصر لا يمكن أن تطمئن إلا لنفسها ومقدرتها على الدفاع عن كيانها، وهي تشعر شعوراً صادقاً بالخطر الذي يلوح لها في الأفق؛ ولكن مصر تثق أيضاً في مستقبلها وطالعها، وتعتزم ألا تسمح لأحد بالاعتداء عليها. ومن حسن الطالع أنها تستطيع أن تعتمد في مثل هذا الظرف على معونة صديقتها وحليفتها العظيمة بريطانيا العظمى. ومن حسن الطالع أن مصلحة مصر ومصلحة بريطانيا تتفقان هنا وتمتزجان؛ فالاعتداء على مصر يكون في نفس الوقت اعتداء على ما تعتبره بريطانيا مركزاً حيوياً لمواصلاتها الإمبراطورية.
على أن مصر يجب أن تعمل منذ الآن للاعتماد على نفسها قبل كل شئ، فنحن في عصر القوة لا في عصر الحق، ويجب أن تتذرع الأمم للذود عن حرياتها وكيانها بكل ما تدخر من القوى المادية والمعنوية؛ وهذا ما ستفعله مصر بلا ريب.
ثم إننا نؤمن من جهة أخرى بأن هذه النظم الطاغية والخطط الاستعمارية الباغية التي تصول اليوم في ميدان القوة والعدوان سوف تنهار متى وقع الاصطدام الحقيقي؛ هذا إذا لم تسارع قبل ذلك إلى تمزيق نفسها بنفسها.