الإمبراطورية النمسوية والاستيلاء على نصيبها من أسلابها.
وحصلت إيطاليا على نصيبها من أسلاب الدول المهزومة؛ وكانت أوفر الحلفاء حظَّاً في أوربا لأنها فضلاً على الفوز بتحطيم الإمبراطورية النمسوية جارتها القوية وخصيمتها القديمة، استولت على التيرول الجنوبي واستيريا ودلمانيا، وكفلت بذلك حدوداً منيعة في الشمال والشرق.
ثم قامت الفاشستية الإيطالية ولم يرضها ما حصلت عليه لإيطاليا من أسلاب الحرب، بل اعتبرته غبناً لها وانتقاصاً لحقوقها فشهرت سياستها المعروفة في سبيل التوسع الاستعماري، وعززتها بالتسلح والأهبات العسكرية العظيمة، وأخذت تترقب الفرص لتحقيق مشاريعها وأمانيها.
وكانت لإيطاليا قد عقدت منذ سنة ١٩٠٦ معاهدة ثلاثية مع بريطانيا العظمى وفرنسا تقضي بالعمل المشترك بينها لحماية أراضيها ومصالحها في شرق أفريقية، وتنص على وحدة الحبشة واستقلالها مع التنويه بمصالح إيطاليا في الحبشة؛ وجددت هذه المعاهدة في سنة ١٩٢٥. وفي سنة ١٩٢٨ عقدت إيطاليا مع الحبشة معاهدة صداقة وتحكيم، وجددت عهودها للحبشة باحترام استقلالها ووحدتها، وكانت إيطاليا من أشد المؤيدين لدخول الحبشة عصبة الأمم.
ولكن الفاشستية الإيطالية كانت في الوقت الذي تقطع فيه على نفسها هذه العهود والمواثيق تتحين الفرص، وتدبر اعتداءها سراً على الحبشة، حتى إذا سنحت الفرصة نفذت مشروعها الاستعماري على مرآي ومسمع من العالم، ولم تبال بمواثيق أو عهود، وسخرت من كل اعتراض أو احتجاج، وتم لها ما أرادت من القضاء على حريات أمة آمنة مستقلة.
ولما اضطرمت الحرب الأهلية الأسبانية ظهرت إيطاليا الفاشستية من وراء الثوار تشد أزرهم وتذكي أوار الحرب بجنودها وسلاحها، وما زالت تمضي في سياستها حتى اليوم تنفيذاً لمآرب ومشاريع استعمارية تبغي اجتناءها. ولما نظمت اليابان اعتداءها الأخير على الصين بادرت إيطاليا بإظهار عطفها وتأييدها لليابان المعتدية لأنها تسير في نفس السياسة الاستعمارية التي تسير عليها.
هذا هو ماضي إيطاليا، وهذا هو حاضر الفاشستية الإيطالية في نقض العهود والمواثيق