للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العرض. سترى النساء في الطرقات والسوح والمعابر يعرضن أنفسهم عرض السلعة، قد أذلتهن مدنية الغرب وأفسدتهن، وهبطت بهن إلى الحضيض، فلا يأكلن خبزهن إلا مغموساً بدم الشرف، وأنت لا تعرف من النساء إلا أهلك، مخدرات معصومات كالدّر المكنون، شأن نساء الشرق المسلم، حيث المرأة عزيزة مكرّمة، محجوبة مخدرة، ملكة في بيتها، ليست من تلك الحطة والمذلة في شئ. . . فإياك أن تفتنك امرأة منهن عن عفتك ودينك، أو يذهب بلبك جمال لها مزوّر، أو ظاهر خدّاع. هي والله الحيّة: ملمس ناعم، وجلد لامع، ونقش بارع، ولكنّ في أنيابها السمّ. . . إياك والسم!

إن الله قد وضع في الإنسان هذه الشهوة وهذا الميل، وجعل له من نفسه عدوّاً (لحكمة أرادها)، ولكنه أعطاه حصناً حصيناً يعتصم به، وسلاحاً متيناً يدرأ به عن نفسه، فتحصن بحصن الدين، وجرد سلاح العقل توَقّ الأذى كله. . . واعلم إن الله جعل مع الفضيلة مكافأتها: صحة الجسم، وطيب الذكر، وراحة البال؛ ووضع في الرذيلة عقابها: ضعف الجسد، وسوء السمعة، وتعب الفكر، ومن وراء ذلك الجنة أو الجهنم. . .

فان عرضت لك امرأة بزينتها وزخرفها فراقب الله، وحكم العقل، وأذكر الأسرة والجدود. . . لا تنظر إلى ظاهرها البراق بل أنظر إلى نفسها المظلمة القذرة وماضيها الخبيث المنتن، أتأكل من إناء ولغت فيه كل الكلاب؟؟

يا أخي!

إن في باريز كل شئ: فيها الفسوق كله، ولكن فيها العلم. فان أنت عكفت على زيارة المكتبات وسماع المحاضرات وجدت من لذة العقل ما ترى معه لذة الجسم صفراً على الشمال (كما يقول أصحابك الرياضيون)، ووجدت من نفعها ما يعلقك بها حتى ما تفكر في غيرها. فعليك بها، استق من هذا المورد الذي لا تجد مثله كل يوم. راجع وابحث وألّف وأنشر، وعش في هذه السماء العالية، ودعْ من شاء يرتعْ في الأرض، ويعش على الجيف المعطرة. . .

غير أنك واجد في ثنايا هذه الكتب التي كتبها القوم المستشرقون عن العربية والإسلام، وفي غضون هذه المحاضرات التي يلقونها، عدواناً كثيراً على الحق، وتبديلاً للواقع، فانتبه له واقرأ ما تقرأ وأصغ لما تسمع وعقلك في رأسك، وإيمانك في صدرك. لا تأخذ كل ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>