للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهو ذا ما جاء في تأريخ مصر للنويري (في حوادث سنة ٧١٦).

(وفي هذه السنة فوض قضاء قضاة الحنابلة بدمشق إلى شمس الدين أبي عبد الله محمد، ووصل إليه بتقليد القضاء من الأبواب السلطانية في يوم السبت ثامن صفر. وقريء بجامع دمشق بحضور القضاة والأعيان، وخرج القاضي شمس الدين المذكور من الجامع ماشياً إلى دار السعادة، فسلم على نائب السلطنة، ثم نزع الخلعة السلطانية وتوجه إلى جبل الصالحية وجلس للحكم في سابع عشر صفر، وما غير هيئته ولا عادته في مشيه وحمل حاجته، ويجلس للحكم على مئزر غير مبسوط، بل يضعه في يده ويجلس عليه، ويكتب في محبرة زجاج، ويحمل نعله بيده فيضعه على مكان؛ وإذا قام من مجلس الحكم حمله أيضاً حتى يصل إلى آخر الإيوان فيلقيه ويلبسه. هكذا أخبرني من أثق بأخباره؛ واستمر على ذلك، وهذه عادة السلف).

ولست أدري إن كان كل الحنابلة على هذا التواضع الشديد أم هم القضاة وحدهم؟ ويؤسفني أن ليس لدي من فقه الحنابلة ما أراجعه في هذه المسألة، بل يظهر أن هذا الفقه نادر جداً في أوربا.

ولكي نكوّن لأنفسنا فكرة عن التطورات التي طرأت على زي العرب نقارن ثوب محمد صلى الله عليه وسلم بثوب رجل من الطبقة المتوسطة من أهل القاهرة في القرن السادس عشر بعد غارة الأتراك.

كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يلبس قميصاً من القطن الأبيض تصل أكمامه إلى المعصم، وسروالاً من القماش؛ وما كان فوق القميص والسروال - فيما يظهر - إلا ثوب واحد هو الجبة؛ وهي ثوب طويل من الصوف، وحواشيه من الحرير، مفتوح من أمام، ضيق الأكمام؛ أو القباء، وهو ثوب طويل مهيأ بالأزرار من أمام. وكان يلبس في بعض الحالات - بدلاً من هذه الثياب - كساءً من القماش الغليظ، وهو عادة قطعة كبيرة من الصوف السميك رمادية اللون مخططة، ويلف بها الجسم، وهي (البردة). وكان محمد (صلى الله عليه وسلم) يلبس العمامة البيضاء أو السوداء ويرخي طرفاً منه على ظهره. وأما حذاؤه فكان نعالاً مصنوعة من جلد الإبل، مربوطة بسيرين يمر أحدهما بوسط القدم والآخر بين الإبهام وما يليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>