للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فنحن نرى أن زي الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان في غاية البساطة، ولا يزال هو زي أهل الصحراء في أيامنا هذه.

فالبدو لا يلبسون - مثل الرسول - إلا قميصاً من القطن، وثوباً طويلاً، وقد يستعيضون عنه بكساء من الصوف.

أما زي الرجل القاهري في القرن السادس عشر، فيتألف من عدد عظيم من الملابس - فلا تزي بحال ما تلك البساطة التي كانت تميز زي الرسول، والتي لا تزال ترى في زي البدو - فكان يلبس فوق القميص والسراويل قفطاناً من الحرير في ألوان مختلفة قد خالط بعضها بعضاً، ولهذا الثوب أكمام فضفاضة؛ ثم يلبس فوق القفطان حزاماً من الحرير أو الوبر أو الصوف، ثم جبة طويلة مفتوحة من الأمام، ذات كمين قصيرين لا يصلان إلى المعصم حتى يظهر طرفا كمي القفطان وقد تجاوز الأصابع؛ وهذا الثوب أقصر قليلاً من الأمام عنه من الخلف، وهو مصنوع من القماش الأحمر أو الأزرق أو الرمادي؛ ثم يلبس فوق الجبة ثوب فضفاض يصنع عادة من الوبر، ويزين أحياناً بالفراء، وهو الفراجية. أما غطاء الرأس فيتكون من طاقية صغيرة من القطن وطربوش أحمر وقطعة طويلة من الشاش (الموسلين) تستدير حول الرأس. وأما الحذاء فمن الجلد المراكشي الأحمر.

وجمال الثياب وعددها يخلعُ على لابسها في الشرق العظمة ويبعث على احترامه ويقول المثل الفارسي (قربت بلباس) ويفسره تافرينيه بقوله: بمقدار ما تتجمل في ثيابك، تقابل بالإجلال، وتنال الحظوة في القصر والقربى لدى العظماء. أما في مصر فهناك ما جاء من ذلك في كتاب (وصف مصر)، ' كلما كدس الناس من الثياب على أجسامهم ضاعفوا الاحترام والتقدير الذي يبغونه لأنفسهم)؛ فليس يبدو غريباً إذن أن يعنى الشرقيون بأن تكون ثيابهم نظيفة طيبة الرائحة، وقد جاء في الأغاني عبارة: (ملائمة طيبة) كما نقرأ في تاريخ مصر للنويري أنه وجد في ذخائر أحد العظماء لعبة من العنبر على قدر جسده، برسم ثيابه، توضع ثيابه عليها لتكتسب رائحتها. وورد في (ألف ليلة وليلة) هذا البيت من الشعر:

وتميس بين مزعفر ومعصفر ... ومعنبر وممسّك ومصندل

كما وردت فيه أيضاً هذه الفقرة: (لبست تلك البذلة الفاخرة وكانت مطيبة) وفي موضع آخر

<<  <  ج:
ص:  >  >>