للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

منه: (فقعدت تبخره فطارت شرارة فأحرقت طرفه). ويقول بوركهارت عن وهابيي نجد أنهم يعنون بتطييب الكوفية بأنواع من الطيوب

وتخص الأرادن بالتطييب، ففي قصيدة للمتنبي يقول:

أتت زائراً ما خامر الطيب ثوبها ... وكالمسك من أرادنها يتضوع

أما عادة منح الثياب للدلالة على التقدير فعادة شرقية قديمة؛ ومع ذلك يقول المقريزي: إن أول من استعملها هو هرون الرشيد حينما خلع على نديمه جعفر بن يحيى البرمكي. ويسمى ثوب الشرف هذا خلعة، ثم سمى بعد هذا تشريقا. ثم لما تغلغلت هذه العادة أصبحت من القوة بحيث كان الأمير يخلع الرداء الذي يرتديه، فيلبسه الشخص الذي هو موضع تكريمه أو أجازته. ولكن يظهر أن الأمراء لم يكونوا بعد ذلك يهبون من الثياب إلا مما هو مودع في خزائن ثيابهم، أو ما كان جديداً كل الجدة؛ ولكنه كان من دلائل الشرف دائماً أن يلبس الرجل ثياباً كان الأمير يلبسها من قبل؛ ولم يفت المؤرخين أن يشيروا إلى ذلك، فمما يحكي النويري هذه العبارة: (أنعم على الأمير سيف الدين بوشربوش كان قد لبسه).

أما حين يراد معرفة أنواع الثياب التي تتألف منها الخلعة أو التشريف، فقد أشرفنا على مسألة شديدة الصعوبة؛ وإن يكن يخيل إلى أن الأمر كان يرجع، في حكم بعض الأسر، إلى اختيار الأمير المطلق؛ ومع هذا، فإذا كان فييرس يحسب أن الخلعة كانت تتكون غالباً، أو مطلقاً، من القباء وحده، فإني أرى لزاماً على أن أدل هنا على أن هذا رأي خاطئ الأساس. وإذا كان صحيحاً أن ثوب الشرف كان يتكون، في حكم حسن باشا لليمن، من القباء، فأن الأمر لم يكن كذلك في بغداد ومصر مثلاً، فقد كانت الخلعة أو التشريف تتكون من ثياب مختلفة غير ذلك. فالنويري يذكر لنا أن الخلعة التي وهبها خليفة بغداد للملك الناصر داود كانت تتكون من قباء حريري وشربوش، كما يحكى في موضع آخر أن الخلعة التي أعطاها الخليفة العباسي المعتصم بالله كانت تتكون من عمامة سوداء وفراجية موشاة بالذهب. وتقرأ فيما بعد ذلك أن ثوب الشرف الذي منحه الخليفة كان يتألف من عمامة من الحرير الأسود المطرز بالذهب ودراعة. أما الخلعة كانت تعطى للوزير في مصر فكانت تألف من جبة وفراجية وطرحة. وكذلك كان التشريف يتكون من ثياب مختلفة. وأخيراً تدلنا عبارة أخرى للنويري على أن ثياب الشرف كانت تختلف في القماش الذي صنعت

<<  <  ج:
ص:  >  >>