أنا أومن بان بين يديك الثراء العريض، وانك أنت صديقي الحميم، ولكني لا أجد في
نفسي الجرأة على أن أزيل كل ما يملأ حجرتي من بهرج
إن هذا السجف التي يسترني هو كفن من التراب والموت أنا ابغضه غير أني أضنى به
إن ديوني كثيرة وخطاياي أعظم، وعيوبي التي أخفيها في نفسي تثقلني؛ وحين انطلق
لأطلب إليك الإحسان تسيطر عليّ رعدة شديدة خشية إلا تتقبل صلاتي
- ٢٩ -
إن في هذا البناء - جسمي - شبحاً يذرف الدمع في خلوته وأنا دائماً في شغل شاغل
أشيد حوله سوراً عالياً، وعلى مر الأيام أرتفع سمكه فعميت عن حقيقة وجودي وأنا في ظلامه القاتم
لقد أخذتني العزة بهذا السور الشامخ فاندفعت اطليه بالطين والرمل خشية أن تكون به
فرجة، ولكن ما بذلت من جهد أعماني عن حقيقة وجودي
- ٣٠ -
ها أنا أتيت وحيداً لأفي بوعدي؛ ولكن من هذا الذي يتبعني في دجى الليل وسكونه؟
وعبثاً تحولت عن طريقي لأضلله
إنه يثير الغبار وهو يمشي الخيلاء وهو يردد قولي في صوت أجش
إنه روحي الضئيل - يا الهي - وهو لا يستشعر الخزي، وانا استحي ألج بابك برفقته
- ٣١ -
قلت: (يا أيها السجين؛ خبرني، من ذا الذي قيدك هنا؟)
قال: (هو سيدي، لقد ظننت إني أبذ كل إنسان على الأرض بما لدي من ثراء وقوة، وبين
يدي بيت المال وهو ينضم على كل ما يملك مليكي. وحين يغلبني النعاس انطرح على فراش كان في - يوم ما - سرير سيدي؛ وحين استيقظ أجد نفسي سجيناً في بيت المال)
قلت: (يا أيها السجين؛ خبرني، من ذا الذي صنع هذه السلسلة الصلبة؟)
قال: (بيدي الصناع ابتدعتها وخيل إلي أن قوتي الكامنة ستقبض على العالم كله وأظل أنا
طليقا في أمان، فقضيت عمراً من عمري أهين هذه السلسلة استعين بالنار والمقامع