الخالدة، وإن الحياة بحرية أو اتباع الطبيعة هو واجب الإنسان أو (تاوو)، وإن معرفة الواجب هي الدين نفسه. إن الواجب هو ذلك الشيء الذي ليس بمسموح لأحد إبعاده لحظة واحدة، لأنه لو سمح بالبعد عنه لحظة لما اصبح هو الواجب، ولهذا يعنى الحكيم في شيء من الانتباه بما لا يرى في داخله ويخشى في شيء من القلق ما لا يسمعه بأذنه، ويجب ألا يعالج بالكشف ولإيضاح إلا ما هو مخفي في داخل نفسه، ويجب ألا يكون شيء أوضح لديه من أعمق طيات قلبه، ولأجل ذلك يلقي الحكيم بنفسه بين أعطاف هذه المعالجات التوضيحية كلما خلا بنفسه، وحينما تكون النفس غير مهتاجة بأحاسيس حب أو غضب أو حزن أو سرور يقال عنها أنها في حالة الاعتدال أو (تشونج)، وحينما تتولد هذه الأحاسيس في النفس دون أن تتجاوز الحد المعتدل، قيل عن هذه النفس: أنها في حالة الانسجام (تاوو) وإذاً، فالاعتدال هو الأصل، والانسجام هو القانون العام وحينما يلحق الاعتدال والانسجام غايتهما يسود النظام في السماء وعلى الأرض، وتنمو جميع الكائنات)
من هذه النصوص يتبين مذهب هذا الحكيم في لأخلاق جيداً، وتتضح فكرته عن الواجب والاعتدال والانسجام، ومن الجملة الأخيرة بنوع خاص نلمح مذهب (كانت) قبل وجوده بأكثر من أربعة وعشرين قرناً، وهو القائل بان الاعتدال هو أصل أساسي في النفس، وبأن الحيدة عن الصراط المستقيم طارئة على الإنسان بسبب أحاسيس الحب والبغض والغضب والرضى والسرور والحزن، وبأن الحرية الأخلاقية هي منشأ مسئولية، وبأن الانسجام ضرورة سماوية لبقاء العالم ونموه وسيره نحو الكمال وما أقوى الشبه بين نص (كونفيشيوس) القائل: (وحينما يلحق الاعتدال والانسجام غايتها يسود النظام في السماء وعلى الأرض، وتنمو جميع الكائنات) ونص (كانت) القائل: (إن كل ما لو عم لصلحت الأرض هوالخير، وكل ما لو عم لفسدت الأرض هو الشر)
بل ما أحكم الصلة بين نص (كونفيشيوس) القائل: (إن الاعتدال هو الأصل والانسجام هو القانون العام) وبين نص (كانت) القائل: (إن إرادة كل فرد عاقل معتدل هي المؤسسة للقانون العام)
يرى (كونفيشيوش) كما يرى (كانت) أن كل إنسان إذا حقق الانسجام الطبيعي وثبته في داخل نفسه كما شاءته الإرادة الالهية، فقد حقق الواجب، وهو يرى كذلك أن الحرية النفسية