أفلا تراهم يشترون أحط الوظائف دركة بماء وجوههم اللدنة ونخاسة سمعتهم السافلة، وفضيلتهم الدابرة، حتى إذا ظفروا بها بطروا، وضحوا في سبيل استبقائها والحرص عليها بجميع أخلاقهم وبضمائرهم الموبوءة، وما ذلك إلا ليكونوا من ذوي الزلفى، وليثملوا بنشوة الغرور، إذ يقول فيهم الناس، تزلفت إلى البيك في الديوان وزرت الأفندي في الديوان، وتوسطت في الأمر لدى الباشا في الديوان
قد يسوءك الأمر ويغمك، ولكن الأخلاق الفاضلة غير مسئولة عن ذلك لأنها تطورتْ وأنت تحجرتَ - في عرف أهل الموضات - وتقدمتْ فتخلفتَ
يا أخي! لقد تلقحت أخلاقنا الفاضلةُ الأصيلة بأخلاق سِفلة الشعوب الوضيعة فنغلت وصارت كالخنثى، لا هو ذكر ولا أنثى، بل كالبغل ليست فيها أصالة الحصان ولا ضعف الأتان
هي (الموضة) يا عزيزي. . .! وقد أبت الأخلاق إلا أن تتكيف بها، فتصبغت وتطيبت ثم تدلت وانتهت إلى هذه الحالة التي تشكو منها. وما شكاتك إلا شكاة الفضائل بأسرها، والأخلاق العالية بكاملها. هي (الموضة) وعبثاً يحاول الإنسان أن يجاري المدنية ولا يجاريها، فهي من مقوماتها الأولى، ومستلزماتها الرئيسية
أفبعدَ هذا - يا محمود - تطمح إلى النجاح في القرن العشرين وعدتك له عدة الجدود الغابرين؟