وبين يدي الهدايا، وحين يمرون بي يلتقطون زهوري واحدة واحدة وسلتي تكاد نفرغ
لقد تصرَّم النهار، وجاء الليل ينشر ظلامه، والنعاس يداعب جفنيّ، والناس ينطلقون إلى دورهم، وفي أعينهم نظرات التهكم والسخرية، وفي قلبي الخجل. إنني هنا أنتظر في جلسة الشحاذ، أرخي فضل ثوبي على وجهي، وحين يستخبرونني أعرض عنهم في صمت
أوه، كيف أخبرهم بأنني أنتظرك وأنني منك على ميعاد؟ كيف أستطيع أن أقول لهم إنني أقدم فقري مهراً لك؟ آه، سأكتم كبريائي في أعماق قلبي
أنني أقضي الساعات على الحشائش الخضراء أحدق في السماء وأرخي لخيالي العنان أحلم بساعة اللّقيا الجملية - فيخيل إليّ أن النور يسطع وأن الرايات الذهبية تخفق فوق مركبتك، والناس على جانبي الطريق يحدقون في ذهول حين يرونك تهبط من عليائك لتنتزعني من التراب، ولتجلس إلى فتاة فقيرة ترتدي الأسمال، وهي تضطرب من أثر الحياء والكبرياء كأنها حشرة تتهادى بين نسمات الصيف
إن الساعات تمر وأنا لا أحس صوت عربتك. كم حفل مر بي في ضجة ولجب فيه سحر الأبهة! أفتبقى أنت من ورائهم تتوارى في صمت وأنا أقضي حياتي أنتظر عبثاً أبكي وقلبي يتفطر؟
- ٤٢ -
في بكرة الصباح سمعت همسة: ستبحر معه في قارب، أنتما معاً فقط، وما في العالم من يعرف شيئاً عن هذه السفرة، فهي إلى غير غاية وإلى غير نهاية
في أضعاف ذلك اليم اللانهائي وعند بسمتك الرقية الهادئة ستحور أغانيّ إليّ لحن طليق كالموج. . . لحن لا تحده الألفاظ
أفلم يأن لي؟ أفلا يزال هناك ما يشغلك عني؟ يا أسفا! لقد أسدل الليل أستاره على الشاطئ ونزع الطير إلى وكره
من يدري متى ترفع السلاسل ويندفع القارب فيتوارى في أحشاء الليل كأنه آخر شعاع من أشعة الطَّفَل؟