ما كنت أهيئ نفسي للقياك حين وجدت السبيل إلى قلبي، فدخلت إليه - يا مليكي - دون إذن كأنك واحد من الشعب غريب عني، فطبعت على لحظات من عمري بطابع الخلود
واليوم كشفت عن تلك اللحظات - على حين فجأة - فألفيتها منثورة على التراب وعليها خاتمك ومزاجها ذكرى أيام قليلة من حياتي الغابرة فيها الأسى والطرب في وقت معاً
لا ترتد عني محتقراً سني طفولتي حين كنت ألهو باللعب في التراب، فإنه ليتراءى لي أن خطواتي وأنا أدرج في حجرتي بين اللعُّب تشبه تلك التي يدوي صداها بين النجوم
- ٤٤ -
إن متعتي في أن أجلس على جانب الطريق أنتظر وأرقب الظلام وهو يطارد النور، والمطر وهو يتعقب صفاء الصيف
ورسلك يمرون بي وعليهم بشرى السماء يحيونني وينطلقون في سبيلهم فيهتز قلبي طرباً وأنا أستروح النسمات الحلوة
من الفجر لدن الغسق وأنا جالس بازاء بابي لأنني أوقن بأن فترات السعادة آتية لا مرية فيها، آتية حين أرى. . .
في هذا الحين سأخلو إلى نفسي أبسم وأترنم والهواء يتضوع بأريج الوعد
- ٤٥ -
أفلم تحس وقع خطواته الهادئة؟
هو آت. . . آت. . . ودائماً هو آت
في كل لحظة وحين، في كل يوم وليلة؛ هو آت. . . آت. . . ودائماً هو آت
لقد شدوت بألحان كثيرة ما تزال رناتها تقول: (هو آت. . . آت. . . ودائماً هو آت)
في اليوم الصحو العطر من شهر أبريل، وعلى طريق الغابة هو آت. . . آت. . . ودائماً هو آت
في عبوس الليلة المطيرة من شهر يوليه، وعلى مركب السحب المزمجرة هو آت. . . آت. . . ودائماً هو آت
إن خطواته هي التي تسحق قلبي في لحظات الأسى والحزن ولكن لمسات قدميه الذهبية