أوشك الليل ينحسر وأنا أنتظر عبثاً. إنني أخشى أن يحضر والفجر، وقد غلبني النعاس والتعب معاً. فيا صاحبي دع الطريق أمامه مفتوحاً ولا تقف في سبيله
وإذا لم توقظني خطواته فلا تفزعني أنت عن منامي؛ فما أريد أن يزعجني عند انبثاق الفجر، لحن الطائر الغرّيد، ولا زفيف الريح. ذرني هادئاً في نومي ولو جاء سيدي إلى بابي
أيها النوم، أيها النوم اللذيذ، إنك تنتظر لمساته لتطير عني. آه، سنفض نورُ بسماته عن عينيَّ ثقلَ الكرى، وهو أمامي كأنه حلم لذيذ يلمع بين ظلمات الهجوع
فليأت أمام ناظريّ كأول شعاع أضاء وكأول شبح بدا. إن نظرّاته ستبعث في حياتي العابسة أول هزات الطرب. وحين أعود إلى نفسي فلتكن عودتي إليه هو
- ٤٨ -
إن صمت الفجر العميق يمزقه رجع تغريد الطير؛ والأزاهير نشوى على جانبي الطريق، وبين تفاريق السحب تنثر الثروة الذهبية؛ أما نحن فنهرع إلى العمل في شغل لا نلتفت
ليس في ألحاننا النشوة والطرب؛ ولم تنطلق إلى القرية طلباً للفائدة؛ ولم تنفرج شفاهنا عن كلمة أو ابتسامة، وما تريثنا على الطريق؛ ولكن رحنا نستحث الخطو كلما انطوى الزمن
تكبدت الشمس السماء والبط يمرح تحت وارف الظل، وأوراق الشجر تضطرب في