حافظ إلى الرافعي يقول:(قد وكلت أمر تأديبه إليك. . .!)
ثم كانت مصاولات أدبية بينه وبين الجامعة المصرية غداة نشأتها في سنة ١٩٠٨، ثم مقالات عن الجديد والقديم، والعامية والفصحى، في مجلتي البيان والزهراء؛ ثم خصومة بينه وبين لجنة النشيد القومي في سنة ١٩٢١؛ ثم وقعت الواقعة بينه وبين الدكتور طه حول كتاب رسائل الأحزان في سنة ١٩٢٤ في السياسة الأسبوعية؛ فكان هذا أول ما بينهما؛ ثم كانت المعارك العنيفة بينه وبين العقاد، وبينه وبين عبد الله عفيفي، وبينه وبين زكي مبارك، إلا ما لا ينتهي من المصاولات بينه وبين أدباء عصره
على أن أشهر هذه المعارك شهرةً هو ما كان بينه وبين طه وبينه وبين العقاد، بل لعلها أشهر وأقسى ما في العربية من معارك الأدب، وإنها لجديرة بأن يؤرخ بها في تاريخ النقد كما كان العرب يؤرخون بأيامهم. . .!
وإنني لأشعر أن عليّ واجباً أن أكشف عما أعرف من الأسباب الخاصة أو العامة التي نشأت بها هذه الخصومات الأدبية أو انتهت إليها، وإنني لأشعر بجانب ذلك أنني أكلف نفسي بهذا فوق ما أستطيع
إن كل ما تناولته إلى الآن من تاريخ الرافعي كان له هو وحده، فلا عليَّ مادمت مطمئن النفس إلى ما أكتب؛ أما الآن. . . أما الآن فسيكون إلى جانب اسم الرافعي أسماء، وإنهم لذوو حول وسلطان، فما أدري أيرضون ما أكتب عنهم أم يسخطون. ولقد رأيت ما فعلتْ بالرافعي شجاعتُه فمات لم يذكره أحد منهم أو يترحم عليه؛ وما أنا كفء لهذه العداوات، ولست لها بأهل، وما لي طاقة بالدفاع عن نفسي، ولا لي أنصار ذوو لسان وبيان، وما تهون عليَّ نفسي. . .!
ولكن. . . ولكن من عَذيري يوم الحق من كتمان الشهادة؟ ولكن. . . ولكن ما أنا إلا راوية يكتب ما رآه لا ما ارتآه. ولكن. . . ولكنَّ فلاناً وفلاناً اليوم أناسيّ تصول وتجول، وإنها غداً لصفحات من التاريخ تتحدث. ولكن. . . ولكن التاريخ قد وقع فلا سبيل إلى مَحْوٍ فيه أو إثبات. ولكن. . . ولكن الندم على ما كان لا يمحو من تاريخ الإنسان ما كان. . .
فهذا عذري عند فلان وفلان ممن يتناولهم حديثي بما يغضب أو يسوء، فإن كان لي عندهم عذر من الكتمان إن كتمت الشهادة فليحدثوني لأطوي من الحديث ما قد يغضب أو يسوء. .