كان أكثرها أشبه بفرق من راقصات الزنوج يترنحن على القراطيس. ولم تلبث ديانا أن خبرت من الحياة تجاريب لم تعرفها من قبل كان محورها جميعاً المال. . . المال!. . . المال الذي تدور حوله كواكب الآمال السيارة، والذي بدونه يقف دولاب كل شيء. . . حتى دولاب الحب، كما بدأت ديانا تعتقد!
لقد كانت تشهد كيف تتم الصفقات في البيت الذي تعمل فيه، وكيف كان أصحاب العمل يجنون أشهى الثمرات بقليل من الجهد، حتى لا يكاد أحدهم يبذل في سبيل المئات التي يحصل عليها آخر كل سنة بعض ما يبذلها أبسط الموظفين في الشركة. . من أجل ذلك دأبت ديانا تدخر مبالغ صغيرة من راتبها التافه، حتى إذا اجتمع لديها قدر غير قليل أخبرت صديقتها تمار فعقدت أسبابها بأسباب خبير مالي من رجال الأعمال يدعى لويس كراوفورد، له دراية واسعة بالصيرفة، فنصح للفتاة بالمضاربة في أحد البيوت المالية المربحة بنصف ما معها، حتى إذا غنمت شيئاً عادت فضاربت بنصف ما تملك. . . وهكذا. . . واعتمدت ديانا على الله، ثم على هذه الآمال البراقة التي تولدت في نفسها مذ وضعت رجليها في شركة النشر. . . وضاربت كما أشار المالي لويس. ولشد ما شدهها أن ربحت مبلغاً لم تكن قط تحلم به منذ أن ضيعت مائة الجنية التي تركتها لها عمتها. . . ودق قلبها البشائر واتسعت أمامها آفاق الأماني، واصطبغت أحلامها ببريق الذهب وقويت إرادتها وثبتت عزيمتها، فضاربت بنصف ما اجتمع لها من المال، وقد صار شيئاً كثيراً في حسبانها. . . وربحت. . . وفرحت فرحاً شديداً بهذا الحظ المواتي. . . وتعلمت أشياء لم تكن تعرفها. . . دروس الحياة وأفانين المال وعجائب العمل. . . وضاربت مرة ثالثة ورابعة. . . واجتمع في قبضتيها كنز من الذهب رَوّأ لها الآمال ووسع في قلبها الأماني، حتى لباتت تفكر في شراء بيت النشر الذي تعمل فيه!
أما كليف صولوي. . . الفتى القسيم الوسيم، ذو العينين الزرقاوين اللتين تختلط بزرقتهما خضرة الأطلنطيق الواسع الخضم فقد عمل هو الآخر وجد، وسعى واجتهد، واشترى مرجاً واسعاً من مروج كندا الشاسعة، جلب له قطيعاً من الغنم الأمريكي ذي الصوف الغزير، وجعل في الله رجاءه أن يغل له المال الوفير ليبني لحبيبته ديانا القصور والعلالي
وتصرمت سنون خمس؛ وكتب صولوي إلى منية نفسه خطاباً يقول في شطره: (لم أستطع