للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فقلت: هذا تواضع مني، لأن الطبيب الحق لا يقول إنه طبيب، ومع ذلك فلا بأس من إخبارك بكل الحقيقة لتبلغي ليلى فتطمئن. عندي يا آنستي ثلاث دكتوراهات: الأولى في الآداب، والثانية في الطب، والثالثة في القانون

فتهلل وجه ظمياء وقالت: الآن فهمت ما ينشر في الجرائد من أنك تلقي محاضرات في كلية الحقوق

فقلت: هو ذلك يا آنستي. وستقرئين في الجرائد بعد حين أني ألقي محاضرات في كلية الطب!

والآن ندخل في صحيح الغرض من هذه الزيارة الليلية، ولندرس الموضوع من جميع الأطراف، لأني لا أستريح إلى دعوتكما لزيارتي مرة ثانية، فإن العيون تترصدني من كل جانب، وسمعة الطبيب هي كل ما يملك، وأنت في الحق فتاة حسناء وأخشى أن تحيط بي من أجلك الظنون

فتنهدت وقالت: العفو يا دكتور! إن مرض ليلى هدني ولم يبق مني على شيء

فقلت وقد غاظني أن تحسبني أتغزل: أسمعي، ليس الوقت وقت دلال، أنت هنا في خدمة الواجب، أجيبي على الأسئلة بصدق وصراحة، واحذري عواقب المداورة في الجواب

- هل ترين ليلى امرأة مصونة؟ هل يحيط بسمعتها قليل من الشبهات؟

- ليلى مصونة كل الصيانة يا دكتور، بالرغم من كثرة الحواسد لم تستطع امرأة أثيمة أن تقول في حقها كلمة سوء، فهي مثال الطهر في بغداد، وحديثها كالعطر في جميع أرجاء العراق

- وكم سن ليلى الآن؟ وكيف كان ماضيها في الحياة الزوجية؟

- هي في حدود الأربعين، ولا تزال عذراء

(وعندئذ دونت في مذكرتي أن المرأة التي تصل إلى سن الأربعين وليس لها زوج ولا أطفال معرضة لكثير من الأمراض، وهذه أهم نقطة أعرضها للدرس في المؤتمر الطبي)

ثم رفعت بصري إلى ظمياء وقلت: ولكن كيف أتفق أن تعيش ليلى كل هذا العمر عذراء؟

فتلجلجت الفتاة ثم لاذت بالصمت، فنهرتها بعنف، فأجابت وما تكاد تبين:

- كانت تحب الضابط عبد الحسيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>