للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الدستوري. . . ولكنه ظل اقتراحاً لغير التنفيذ

ليست كل هذه الحوادث من تأليف الرافعي، ولكنها شيء يتصل بتاريخه وله أثر فيه أي أثر؛ فلولا ما كان من الخصومة بين الرافعي وطه، لما قامت هذه الضجة، ولا ثارت هذه الثائرة، ولما كان في التاريخ الأدبي أو السياسي لهذه الحقبة شيء مما كان

على أن هذه المعركة قد خلفت لنا شيئاً آخر، هو أغلى وأمتع، ذلك هو كتاب: (المعركة تحت راية القرآن) وهو جماع رأي الرافعي في القديم والجديد، وهو أسلوب في النقد سنتحدث عنه بعد

ولقد ظلت الخصومة قائمة بين الرافعي وطه إلى آخر أيامه، بل أحسبها ستظل قائمة ما بقيت العربية وبقي تاريخ الأدب؛ فما هي خصومة بين شخص وشخص تنتهي بنهايتهما؛ بل هي خصومة بين مذهب ومذهب سيظل الصراع بينهما أبداً ما دام في العربية حياة وقدرة على البقاء

وما أعرف أن الرافعي وجد فرصة ليغمز طه في أدبه، أو وجد طه سانحة لينال من الرافعي في فنه ومذهبه، إلا أفرغ كل منهما ما في جعبته. وكم مقالٍ من مقالات طه حسين قرأه علي الرافعي فقال: اسمع، أنه يعنيني. وكم مقال أملاه علي الرافعي أو قرأته له فوجدت فيه شيئاً أعرف من يعنيه الرافعي به. ومرة أو مرتين قال الأستاذ الزيات للرافعي: أرجو أن تعدل في أسلوب هذا المقال - مما ينشر في الرسالة - فإني لا أحب أن يظن طه أنك تعنيه بشيء تنشره في الرسالة وعلي تبعته عنده

ولما ثارت في الجامعة في العام الماضي مسألة المسجد والمصلي والدروس الدينية وفصل الفتيان عن الفتيات، كتب الرافعي مقالا للرسالة غمر فيه طه وحيا شباب الجامعة، ولم يجد الأستاذ الزيات بداً من نشره. وفتن الرافعي بمقاله ذاك وحسن عنده وقعه، فأنشأ تتمة له بعنوان (شيطان وشيطانة) يعني طه وتلميذته، ولكن الزيات وقف له واحتج حجة، رعاية للصديق القديم طه. وكان أول مقال يكتبه الرافعي فترده له الرسالة. وقد أغتاظ الرافعي لذلك غيظاً شديداً، وأحسبه مات وفي نفسه حسرة من عدم نشر هذا المقال. لو كان لي أن أعرف أين صورة هذا المقال لأوجبت على الرسالة أن تنشره بحق التاريخ الذي لا يحابي الأحياء ولا الأموات، ولكن أين أجده؟ الأستاذ الزيات يقول: لقد رددته إليه. والدكتور

<<  <  ج:
ص:  >  >>