للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على نحو طبيعي خاص؛ فإذا ما تحقق له ذلك شعر أن حياته قد كملت، وأنتظر النهاية الأخيرة برضا وارتياح، لأنه سيلحق بعدها بآبائه وأجداده.)

وأنت ترى أن ذلك الغرض طويل غير محمل وإن كان صحيحاً في كل أجزائه، وأنه يرمي إلى تكوين الفرد الاجتماعي الناجح السعيد.

ويقول فيخته (إن غرض التربية هو تكوين الوطني العارف بحقوق الوطن وواجباته). ولكن من ذا يستطيع أن يحصر الحياة في دائرة الوطنية فحسب؟ أليست الوطنية إحدى نواحي الحياة الشاملة الفسيحة؟

ويقول هربارت (إن غرض التربية هو تكوين إنسان عارف بحقوق الإنسانية؛ وإن غايتها القصوى هي اكتساب الفضائل والتحلي بمكارم الأخلاق). ولكن ترى ما هي حقوق الإنسانية التي يتركها لنا هربارت غامضة من غير ما تفسير؟ وإذا كانت الأخلاق هي غاية التربية القصوى، فأين يقع (التفكير الخالص) من هذه الغاية وقد وضعه (ارسطو) فوق جميع الغايات عندما ينصب على أسمى موضوعات التفكير وهو الله؟

ويقول ديوي (إن غرض التربية الأسمى هو النمو) ولكن ما معنى النمو وما مقياسه المضبوط؟ يلمس (ديوي) بنفسه ذلك الغموض ويرسم لنا مثلاً أعلى (للإنسان النامي) فإذا هو (كائن ذو عادات بصيرة حساسة بعيدة النظر خاضعة لمسئوليات أكثر). وذلك قول جامع ولكنه لا يخلو مع ذلك من غموض. . .

ويقول الأستاذ ريدجر (تلائم التربية بين الفرد وبين عناصر البيئة المعترف بها في الحياة الحديثة، وهي تعمل على تنمية وترتيب وتدريب قواه حتى تصبح ذات (فاعلية) مشروعة النفع) وذلك أيضاً قول دقيق لولا ما قد ينتاب (هذه الملاءمة) من القضاء على روح الثورة في الناشئ. تلك الثورة التي نريدها منه كلما رأى ما هو جدير بها في حياة المجتمع

ويقول الأستاذ تورندايك (إن أقصى غايات التربية هو غرس رغبة (الخير) وتكوين القدرة على الحياة السعيدة والمتعة النبيلة البريئة) ولكن ترى ما هي الحياة السعيدة ذات المتعة النبيلة البريئة؟ أما نحتاج هنا لتحديدهما؟

أما (سبنسر) فيلسوف التطور فيقول (إن غاية التربية هي أولا وقبل كل شيء حفظ الحياة). ولكن من الثابت الواضح أن (حفظ الحياة) وسيلة وليس بغاية؛ إذ في سبيل أي

<<  <  ج:
ص:  >  >>