ومهما يكن من شيء فإن الأستاذ (ديوي) يعطينا مقياساً طريفاً نطبقه على الأغراض (المطروحة) لنختبرها به وهو: (١) قيام الغرض على الظروف الراهنة (٢) وقدرته على القيادة والمرونة (٣) والاتفاق التام بينه وبين الوسيلة. ثم هو يعطينا مقياساً آخر نقيس به مواد الدراسة هو (درجة وطريقة ما تجلبه على الطالب من شعور بيئته الاجتماعية، وما تمده من قدرة يفسر بها قواه الخاصة من ناحية قابليتها لخدمة المجتمع) ويفسر لنا الأستاذ (باجلي) مدى هذه (القابلية) بقوله: (إنها تتضمن أن يكون المرء فاعلاً في المجتمع منتجاً أو مرشداً الناس إلى الإنتاج، متدخلاً في مجهودات الآخرين بأخلاقه الصالحة، عاملاً على تكميل القوى الاجتماعية أي إنجاح الجماعة) ويعزز الأستاذ ديوي نفسه ذلك الرأي بقوله: (أعتقد أن كل تربية يجب أن ترمي إلى مشاركة الفرد في الوجدان الاجتماعي)
ولا بأس من أن نختم هذا الفصل بقول الأستاذ وهو:(أننا لا نستطيع أن نحصر أغراض التربية في غرض واحد، وكل ما هنالك أن التربية يجب أن تشمل الإبقاء على الماضي إبقاء لا يستر عيوبه ولا يعمينا عن خيرات الحاضر، ثم الوقوف على الأزمنة والبيئات والطبقات المختلفة حتى نوسع من مدى اتصال الناس بعضهم ببعض، ثم تمدين ومحو الوحشية من بينهم، أي انتشال العقول من الأدوية المظلمة، والعواطف من الغرائز الحيوانية، ثم غربلة الناشئين وتوجيه كل منهم إلى الطريق الذي يتفق وميوله الخاصة حتى يبلغ أقصى ما هو كفء له، ثم غرس العادات الحسنة من غير استبعاد الناشئ لها)
وبعد، فماذا تريد أن أقول؟ وأي الأغراض تحب أن أزجيها إليك؟
أليس من الخير أن نترك هذا الباب مفتوحاً لرجال التربية في الشرق، كما يدلوا فيه بآرائهم السديدة، ويرسموا لنا تلك (الغاية الأخيرة) التي يجب أن ينشدها الشرق في تربيته على الخصوص؟
ثم أنت ترى المعاهد في مصر كثيرة والخريجين أكثر، فهل تستطيع أن تتبين وراء تلك المعاهد (غرضاً واضحاً محدوداً) وهل تستطيع أن تتلمس (الطريقة) التي يحقق بها هذا الغرض وما عسى أن يكون فيها من ضعف وقوة؟