الألوان على السحب، على الماء، ولماذا صبغت الأزهار اليانعة بألوان جذابة. . حين أحمل إليك - يا بني - اللعب الجميلة الملونة، حين أغني أمامك لترقص على نغم أغاني؛ أعرف حقا لماذا تنبعث الموسيقى من حفيف أوراق الشجر، ولماذا يرسل الموج ألحانه في قلب الأرض الصامتة. . حين أغني أمامك لترقص على نغم أغاني.
حين أقدم لك الحلوى فتتقبلها في شغف؛ أعرف أنا لماذا امتلأ كأس الزهرة رحيقا، ولماذا انضمت الفاكهة على عصير حلو. . . حين أقدم لك الحلوى فتتقبلها في شغف.
حين أقبل جبينك - يا عزيزي لتبسم؛ أستطيع أن ألمس اللذة في شعاع الصباح المنير، وأن أحس النشوة التي تنفثها في نسمات الصيف. . . حين أقبل جبينك لتبسم.
- ٦٢ -
أنت عرّفت علي أصدقاء لا أعرفهم، وحبوتني بمكان في كل دار وليس لي واحدة منها، وأنت كشفت لي عن كل مبهم، ومننت علي برفيق في الغربة.
إن قلبي ليضطرب حين أهجر مأواي الذي سكنت إليه. لقد نسيت أن القديم يتحدر إلى الحديث فيعيش معه، وأنك أنت أيضا.
بين صراع الحياة والموت، على هذه الأرض أو على سواها، تقودني أنت أنى شئت. . . وأنت رفيقي الأوحد في هذه الحياة الأبدية، رفيقي الذي تجذب إليك قلبي بنفثات من الطرب المجهول.
إن الذي يعرفك لا يستشعر الغربة في هذا العالم ولا تسد في وجهه الأبواب. أوه، تقبل صلواتي كي لا أفقد لذة لمساتك - أيها الفرد - في سبيل المجموع.
- ٦٣ -
عند منحدر النهر الموحش، وبين الحشائش النامية سألتها (يا سيدتي، إلى أين تذهبين وأنت تسترين سراجك بين طيات ملاءتك؟ إن داري مظلمة خاوية فأعيريني ضوءك!) فأرسلت من عينيها السوداوين نظرات نفاذة اخترقت أستار الظلام، واستقرت علي حينا ثم قالت (لقد جئت إلى النهر لأضع مصباحي على صفحة الماء حين ينطفئ مصباح النهار) فوقفت وحيداً بين الحشائش أرقب نور مصباحها الخافت وهو يتناثر بدداً على صفحة الماء.