وهاهو ذا (هوبهوس) يحرم الحرب في الديمقراطية لأنه يراها تقتل (الحرية)، وهذه - كما تعلم - أساس الديمقراطية.
بل هاهو ذا الأستاذ يرى مع (ديوي) وغيره أن الديمقراطية يجب أن تسود التربية في جميع مراحلها وتطبيقاتها ويرجو من التربية ذاتها أن تكون خير مساعد في نشرها كيما تستطيع غدا أن تصلح تلك (الأخطاء الهائلة) التي رزح العالم تحت أثقالها سنين طوالاً، وكان الجاني عليه فيها سياسة عمياء، ونزعة حمقاء، وجهل مطبق!
تطبيقات الديمقراطية على التربية
وما دمنا هنا إزاء التربية فلا بد من أن نجعلها صالحة لخلق ذلك المجتمع الديمقراطي المنشود - لابد من أن نجعلها تعد الفرد لا لملء مركز خاص كما كان الحال في (خرافة الطبقات)، بل لخلق مركز مناسب يعمل فيه كوحدة مرنة متسقة محترمة قادرة على مواجهة التغير المنتظر في كل وقت، وغير خاضعة لسياسة تعسفية مفروضة!
ولم ذلك؟ ألم تفشل مدارسنا الراهنة في تعليمنا أن الحياة مغامرة فيها من المفاجآت القاسية بقدر ما فيها من المداعبات الهينة؟ ألم تخرج لنا أولئك المتكبرين المتعجرفين الذين لا يصلحون لشيء غير ملء المقاعد وتسويد الأوراق، والذين تقوم بينهم وبين الشعب هوة من الإنسانية الكسيرة، والكرامة المهيضة والشرف المذبوح؟
نريد إذن عالماً أحسن؟! عالماً لا تثور فيه الحرب، ولا تطغى الآلة، ولا يذبح فيه (العلم المادي) الإيمان فيؤخر السمو الخلقي ويعوقه عن اللحاق بالتقدم العلمي!! عالماً لا يدخل عليه التغير الحتمي فيغرق أبناءه في جحيم من الفوضى كما نرى في كل مرحلة انتقال تجتازها أمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات!!
وسبيل ذلك كله هو تحويل (المدرسة والتدريس) إلى (شيء آخر) تنمو فيه شخصية الطفل، وتقوى على مواجهة الظروف، وتكون مرنة لا تأسرها العادات، وذات فراغ كاف بريء يكسبها حكمة العلم ورقة الفن ويسمو بها فوق الآلات!! ذلك إلى عمل (مفهوم) وشائق وجذاب، وإلى ثقافة راقية تفهم صاحبها مركزه في الكون ووظيفته في الجماعة التي يجب أيضا أن تكون مفهومة لديه!! ثقافة خالية من (لصوص التاريخ وسفاكيه) كما يقول هازئاً (برناردشو) وبذلك يكون لدينا عضواً فعالاً، متعاوناً مستقلاً، عادلاً، يحترم المعارضين،