(المكشوف) اللبنانية تعزيزاً لهذا الفن الذي يقدره الشاعر وله فيه صور خالدة. وقد نالت جائزة غصوب كاتبة هذه السطور. وما انفك الأدب العربي في لبنان مولياً وجهه شطر القصة موالياً السير إلى الأمام بهمة المضطلعين بتسديد خطواته من الأعلام الغُيُر.
على أن من البر بالحقيقة ومن الواجب عليّ - خدمة للتاريخ - أن أذكر أديبين كان لهما اثر واضح في النهضة القصصية الجديدة، فقد كتبا الأقصوصة ببراعة وشجاعة فوفقا فيها وتهافت قراؤهم عليها، فاستحقا الشكر لدفعهما النشء العربي عن تلك الأقاصيص المبتذلة التي تنشرها الصحف التجارية لتسلية القراء ولهوهم.
لقد نوهت الأقلام في العامين الماضيين بقصص الأديب الموهوب توفيق يوسف عواد الذي أكب على كتابة الأقصوصة التي تمثل الطبقة الدنيا في المجتمع اللبناني، وكان الفن معواناً له على وصف البؤس العنيف الذي يفتك بأبناء الشوارع والصعاليك وذوي العاهات. غير انه يغلب على نسج قصصه الأسلوب الصحفي بحكم عمله اليومي. وقد نشر مجموعتين:(الصبي الأعرج) و (قميص الصوف) والأمل معقود بهذا الشاب، فان له شأناً في القصة اللبنانية. وأقول اللبنانية لان قصصه موسومة بكل ما هو لبناني إقليمي. وليس هذا بضائره فإن أكابر القصصيين في عصرنا يمتاز كل منهم بوصف ناحية من نواحي الحياة أو بدرس أطوار جماعة من الناس أو بتصوير الألوان المحلية في البيئة التي يعيش في جوها، ويتنفس هواءها ويرى نورها.
وبينما الناس معجبون بباكورة عواد القصصية أقبل عليهم أديب رفيع العماد هو خليل تقي الدين. لقد نشر قصصه العشر أو التسع على الأصح لان إحداها مترجمة لا موضوعة فرفع بأسلوبه المشرق وديباجته الأنيقة قدر الأقصوصة العربية، ورأينا في قصصه التي سلخها من صميم الحياة ما هو حري بأن يتخذ مثالاً للرواية الفنية الحديثة.
لا أعدو الحقيقة ولا أغلو إذا قلت إن هذه البوادر الطيبة كانت تباشير النهضة القصصية في لبنان ففيها الأمل كل الأمل بتقدمها وازدهارها. وكيف كان الأمر ليقظة القصة ونهضتها في لبنان، فإن مصر اليوم زعيمة القصة العربية، وهي السباقة في حلبتها والقدوة لغيرها، ولن ينزع منها زعامتها الأدبية هراء حاسد ولا حملة حاقد.
هذا قول عاجل. وسأعود قريباً إلى دراسة المؤلفات اللبنانية في القصص وتحليل مضامينها