للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقس على ذلك طرائفه التي يتناول بها معضلات السياسة بين الجد والمزح والنوادر والأمثال

آخر كتاب لهذا الأديب اللبق الأريب ظهر في اللغة الإنجليزية هو كتابه (في عليين) وهو على هذه الوتيرة محاورات وأمثال ومحادثات وقعت كما تخيلها في عليين بين أرواح العظماء المرفوعين إلى السماء:

منها روح فولتير الفرنسي وجيتي الألماني وكارل ماركس زعيم الاشتراكية وواشنطون ونابليون وماري ستيوارت ونخبة من طراز هؤلاء

وهي غير مقصورة على أرواح الأموات دون الاحياء، بل يشترك فيها بعض الأحياء الذين يستدعيهم أولئك العظماء من الأرض في حالة النعاس أو حالة الغيبوبة

ويدور البحث بين هذه الأرواح في كل ما يخطر لتلك العقول من مسائل الفن والسياسة والاجتماع، ويتخلل ذلك كلمات بعضها مخترع وبعضها مما روي عن قائليه أثناء الحياة؛ وقراءتها من أمتع ما يطلع عليه القارئ في الأدب الحديث

من أمثلة ذلك أنهم اختلفوا على مشاركة الولايات المتحدة للأوربيين في حل المعضلات العالمية. فأمر واشنطون باستدعاء روح من رجال مجلس الشيوخ المعارضين في ذلك. فجاء الروح وكان أول ما استشهد به قول الرئيس واشنطون في خطاب الوداع، وجرى الحوار على هذا المنوال

الشيخ - ولم يا سيدي؟ إن الجواب لظاهر. وتوقيراً لذكرى الرئيس واشنطون أعيد كلماته التي يعيها جميع الأمريكيين في أطواء القلوب. . . لقد قال: (إن لأوربا طائفة من المصالح الأولية التي لا مصلحة لنا فيها أو تكون علاقتنا، بها جد بعيدة، ومن ثم نتورط في أسباب الخلاف والشقاق التي لا تني تتعاقب وتتلاحق، وهي أسباب غريبة عن شواغلنا، فليس من الحكمة أن نزج بأنفسنا في غمارها، ونعقد الروابط المصطنعة بيننا وبينها، في أحوال سياستها المألوفة أو علاقات الصداقة والعداوة بين أجزائها)

ثم قال: (إن سياستنا هي أن ندير شراعنا بعيداً عن رياح الدول الأجنبية)

فالتفتوا جميعاً إلى القائد واشنطون فإذا به يقول:

واشنطون - عجيب! إنني لم. . . متى قلت ذلك يا حضرة الشيخ الموقر؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>