التي تفحص أسارير وجهي بعينين كأنهما عينا العقاب، وما أدري والله كيف نجحت في اصطناع التجمل والتوقر وكنت طول حياتي مفضوح النظرات
- ظمياء
- نعم يا مولاي
- كيف كان طريقكما إلى مصر يا بنيتي؟ بالسيارة أم بالطيارة؟
- لم يكن السفر بالطيارة مألوفاً في سنة ١٩٢٦ وإنما ذهبنا بالسيارة إلى الشام، ثم اخترقنا فلسطين حتى وصلنا إلى قناة السويس، وقد قضينا على شاطئ القناة ثلاث ساعات مرت كلمحة الطرف بفضل ما غرقنا فيه من التأملات
- وهل التأمل يقصر الوقت يا ظمياء؟
- لا أعرف يا سيدي الطبيب، وإنما أذكر أن ليلى كانت تحفظ قصيدة شوقي في قناة السويس فظلت تنشد طول الوقت وهي في حلاوة الرشأ النشوان
- لا أعرف أن لشوقي قصيدة في قناة السويس، وإنما أعرف أن له فيها آية من آيات النثر الفني
- لا. يا سيدي، هي قصيدة
- هل تحفظين منها شيئاً؟
- أحفظ المطلع:
تلك يا ابْنَيَّ القناه ... لقومكما فيها حياه
- هذه ليست قصيدة يا ظمياء
- ليلى تقول إنها قصيدة
- القول ما قالت ليلى! ثم ماذا يا ظمياء؟
- كانت ليلى تنشد ما تنشد ثم تحاورني في أمر المصريين الذين حفروا القناة، ومن رأي ليلى أن حفر القناة أعظم عمل قام به المصريون في التاريخ
- ولكنها أضرت مصر يا ظمياء
- هذا يا سيدي كلام الساسة لا كلام الأطباء. وهل يضر مصر أن تكون صاحبة الفضل على العالمين فتنشئ من المرافق ما بخلت به الطبيعة القاسية على الإنسانية؟ إن الحياة يا