للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سيدي الطبيب لا تنهض إلا بفضل التضحية، وقد ضحت مصر بمالها وسلامتها في سبيل الإنسانية، وسيجزيها الله على ذلك خير الجزاء

- هذه فلسفة يا ظمياء، وما تهمني الآن، ثم ماذا؟

- ثم دخل الليل ونحن على الشاطئ، وطلع القمر فتحول الوجود إلى موجة فضية تفتن القلوب، ونظرت إلى ليلى فرأيت انعكاسات القمر على وجهها آية من آيات السحر والفتون

- دخلنا في الغزل يا ظمياء

- أنت الذي شجعتني على الوصف يا مولاي

- اسمعي، هنا سؤال مهم: هل رأيت ليلى على القناة في حال تختلف عما كنت تعهدين وهي في بغداد؟

- أنا أصغر من ليلى سناً كما تعرف

- مفهوم، مفهوم، وهل تخفى على مثلي هذه الفروق!

- لم أكن أعرف يومئذ ما هو الحب، لولا علاقة سطحية بابن عمي عبد المجيد

- يظهر أنك فتاة متعبة وحمقاء. ما شأني بعلاقاتك السطحية أو العميقة مع ابن عمك عبد المجيد؟

- أنا أريد يا سيدي أن أقول إني لم أكن يومئذ أدرك كيف تتغير أسارير الفتاة حين يطلع القمر، أو حين يهب النسيم، وإنما فطنت إلى ذلك بعد ما ثارت العواصف حول ليلى. وأقول لك إني فهمت الآن أن ليلى كانت تتأهب لحب مجهول، فقد كان للقمر على وجهها أضواء وظلال يطير لها لب الحكيم، وقد مددت ذراعي فطوقتها فانعطفت علي وقبلتني قبلة عطف لن أنساها ما حييت!

(وهنا تذكرت الوجه الذي كان القمر يسبغ عليه ألوان الأضواء والظلال، وجه الإنسانة النبيلة التي أتحفتني بصورتها الغالية لأدفع بها ظلام الليل في بغداد. وكدت أتنهد ثم تماسكت ولي قدرة على ضبط النفس في بعض الأحوال)

- كفى، كفى

- تحب يا سيدي أن أصف كيف رأينا القاهرة أول مرة؟

- إن كنت تحبين ذلك. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>