وقال:(تتعارض القوى في الطبيعة لتتلاشى وينشأ منها قوة جديدة. وكذلك الأمر بين المعلم والمتعلم). . . هذا المعلم يجب أن يكون (ديمقراطياً) أولاً وقبل كل شيء، ديمقراطياً في خلقه الخاص، وديمقراطياً في طريقة احتكاكه بالتلاميذ حتى لا يحجر على شخصياتهم. زد على ذلك أن (الدولة) يجب أن تكون (ديمقراطية) معه هي أيضاً! يجب أن تشركه في وضع (المقرر)، ويجب أن تطلعه على الكتب المدرسية، ويجب أن تأخذ رأيه في أنسب طرق التدريس لأنه المنفذ الروحي والمادي للخطط الموضوعة، فما يجوز أن تفرض عليه هذه الخطط فرضاً، ولأنه المتصل بالعقول الناشئة فهو أقدر من غيره على فهم استعدادها، ولأنه المجرب لهذا المنهج أو ذاك فيجب أن يكون لرأيه التقدير الواجب؛ أما أن تبعث إليه البرامج ويساق سوقاً إلى تدريسها، وأن يحمل النشء على الرجوع إلى كتب يراها هو غير متمشية وما انتهى إليه من رأي، وأن يقترح ويكتب، ويصرخ ويستغيث دون ما جدوى، كأنما هو في واد والدولة في واد آخر - فذلك كما ترى هدم لركن من أركان التربية جدير وخطير، وإغفال لتجارب ناطقة لا سبيل إلى التقدم السريع إلا بالاستفادة منها
٢ - في المتعلم
وأما هذا فما يجوز أن يكون شخصية سلبية تستمع إلى الدرس دون ما فكر، وتحفظه وتعيه على أساس (الطريقة الصماء) وتذهب إلى المدرسة كارهة وتخرج منها مسرورة، فإذا كانت الحياة المستقلة طار المعلم وانمحى، وحل الكسل والفراغ الآثم والاستمتاع الحقير، هذا إلى الفشل في معالجة أهون مسائل الحياة، والى الكبرياء والترفع عن (السوقة) والأعمال الحرة! أجل!. . . ما يجوز شيء من هذا. . .! وإنما يجب أن نسير معه على أساس البحوث النفسية الصحيحة التي تقول مثلاً إن (العقل) إذا مر في الحياة بمشكل راح يحدده ويفكر في وسائل حله، فيفترض الفروض ويحققها ويمتحنها؛ أو أن الشيء لا يثير الاهتمام ولا يعلق بالذاكرة إلا إذا كان شائقاً ومتصلاً بالحياة اتصالاً وثيقاً. . . إلى آخر هذه النظريات التي نعرفها ولا نعرف السبيل إلى تحقيقها. . .! وإذن فلتكن موضوعات الدراسة على هيئة مشاكل يقف الطفل حيالها (موجباً) أي محدداً ومفترضاً ومحققاً ومجرباً، ولتكن بقدر الإمكان متصلة بالحياة حوله حتى يستسيغها في مراحله الأولى، ويقبل عليها بلذة وشغف، وبذلك وبغيره ننتهي إلى جعل (التعليم) عملية لذيذة لا أهوال بها ولا مكاره،