في مدحهم إلا لأنه إذا قال أحب أن يحسن قوله لئلا يؤخذ عليه من الناحية الشعرية؛ ولكنا نخالف ابن شبرمة فيما ذكره من أن ما قاله في مدح بني مروان أفضل مما قاله في مدح بني هاشم، لأن أشعاره في مدح المروانيين لا تمتاز عن سائر المدائح الجوفاء في الشعر العربي، ولا يصح أن تذكر بجانب الهاشميات التي سلك فيها الكميت ذلك المسلك الجديد في المدح، وقام بما يجب عليه لأمته من مقاومة ذلك الحكم الظالم
وهناك بعد هذا أخبار متوافرة تدل على ما ذكرناه من رضا بني هاشم بما سلكه الكميت مع بني مروان، وعلى أن هذا لم يقطع صلته بهم في السر والعلن، وقد كانوا مع رضاهم بمسلكه معهم يحاسبونه إذا أسرف في مدحهم، فلا يتركهم حتى يرضيهم بصرف هذا المدح عن ظاهره، فكان يؤوله على نحو ما يفعل بعض الباطنية من الشيعة في تأويلاتهم
قال أبو الفرج الأصبهاني: أخبرني جعفر بن محمد بن مروان الغزالي الكوفي، قال حدثني أبي، قال حدثنا أرطاة بن حبيب عن فضيل الرسان عن ورد بن زيد أخي الكميت، قال: أرسلني الكميت إلى أبي جعفر فقلت له: إن الكميت قد أرسلني إليك وقد صنع بنفسه ما صنع، فتأذن له في مدح بني أمية؟ قال: نعم، هو في حل، فليقل ما يشاء
وقال أيضاً: أخبرني محمد بن خلف بن وكيع، قال حدثني إسحاق بن محمد بن أبان، قال حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال حدثني ربعي بن عبد الله بن الجارود بن أبي سيرة عن أبيه قال: دخل الكميت بن زيد الأسدي على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام فقال له: يا كميت أنت القائل:
والآن صرتُ إلى أمَيَّ ... ةَ والأمور إلى المصايرْ
قال: نعم قد قلت، ولا والله ما أردت به إلا الدنيا، ولقد عرفت فضلكم، قال: أما إن قلت ذلك إن التقية لتحل
وقال أيضاً: قال محمد بن أنس حدثني المستهل بن الكميت، قال: قلت لأبي: يا أبت إنك هجوت الكلبي فقلت:
ألا يا سلم مِنْ تِرْبِ ... أفي أسماَء من تِرْبِ
وغمزت عليه فيها ففخرت ببني أمية وأنت تشهد عليها بالكفر، فألا فخرت بعلي وبني هاشم الذين تتولاهم، فقال: يا بني أنت تعلم انقطاع الكلبي إلى بني أمية وهم أعداء علي