خلواً من هذا الجزء أو لعله اقتصر على كوم من الرمل أو الحصى، وسواء هذا أو ذاك فقد تطور هذا الجزء منذ عهد السرة الأولى إلى شكل مصطبة ذات جوانب مائلة في أحدها كوة صماء لوضع العطايا تجاهها
وبتولي الأسرة الرابعة الحكم كانت هذه المباني البسيطة قد تطورت إلى تلك المصاطب الحجرية الهائلة التي بناها الأشراف لأنفسهم حول أهرام ملوكهم، ويقع اللحد تحت المصطبة الأولى نفسها وبداخل المصطبة حجرات لوضع العطايا من أكل وشراب
اختلف هذا النظام اختلافاً بسيطاً في الهرم، أجل كان الملك يدفن في حجرة تحت الأرض منحوتة في الصخر ويعلوها هرم كان كالمصطبة تذكاراً ظاهراً فوق القبر إلا أن الهرم لم يكن بداخله حجرات العطايا بل بنيت هذه في الجهة الشرقية منه ونظراً لكثرتها فقد أطلق عليها اسم معبد الأهرام؛ فإن كان الهرم هو تطور المصطبة كما يقول البعض فما المعبد إلا تطور الكوة الصماء التي كانت توضع العطايا تجاهها
ولما كان الهرم ومعبده قائمين على هضبة مرتفعة عن مستوى الحقول المحيطة بهما بنحو ١٠٠ قدم فقد بنى صاحبه طريقاً منحدراً مرصوفاً كي يسهل الوصول من الوادي إلى المعبد وبنى في أسفل هذا الطريق معبداً صغيراً سمي بمعبد الوادي، ويقول البعض إن زيارة المعبد الرئيسي كانت قاصرة على أقارب فرعون ورجال بلاطه وإن معبد الوادي كان لزيارة عامة الشعب
ويرى فريق آخر أن معبد الوادي لم يكن سوى مكان يتطهر فيه الزائر قبل أن يصل إلى المعبد الرئيسي، وما المعبد المعروف بمعبد أبي الهول إلا معبد الوادي لهرم (خفرع) وقد كشف الأستاذ سليم بك حسن تحت الطريق الواصل بينه ويبن المعبد الرئيسي للهرم نفسه عن أقدم نفق في العالم نحته مهندس ذلك الملك العظيم في الصخر الصلب كي يختصر المسافة لمن يريد الوصول من الجهة الشمالية للهرم إلى جهته الجنوبية ويوفر عليه السير الطويل حول الطريق المذكور
وتبين لنا هذه المعابد الأولى أغلب مظاهر المباني الدينية المصرية كما نراها فيما بعد هذا العصر، فكلها متينة البناء والمسقف منها مسقف بكتل حجرية أفقية قائمة على أعمدة لا أقبية فيها، على أن المصريين لم يجهلوا طراز القبو كما يتضح ذلك من مقابر الأسرة