للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نزاع في أن لأشخاص واضعي المذاهب أثراً في رواج مذاهبهم وإقبال الناس عليهم وتغلبها على ما عداها. وقلما تمتاز عند الجمهور مقالات المفكرين عن صورهم وأشخاصهم.

ومن أجل هذا كان من وسائل أهل المذاهب الأربعة لنشر مذاهبهم والدعوة لها: وضع المصنفات في مناقب الأئمة أصحاب هذه المذاهب، وفي الترجمة لحياتهم على وجه يبرز فضائلهم ويبين مزايا مذاهبهم وقد تفرد الأئمة الأربعة بكثرة ما دون من المؤلفات في تراجمهم حتى ليقول (أبو زكريا النووي) المتوفى سنة ٦٧٦هـ - ١٢٧٧م في شرحه للمهذب المسمى بالمجموع: (وقد أكثر العلماء من المصنفات في مناقب الشافعي رحمه الله وأحواله من المتقدمين كداود الظاهري وآخرين.، ومن المتأخرين كالبيهقي وخلائق لا يحصون)

ويقول أبو حفص عمر بن أبي الحسن الشافعي المعروف بابن الملقن في كتابه (العقد المذهب في تاريخ المذهب) المؤلف في القرن الثامن الهجري: (وترجمة الشافعي حذفناها في هذا المؤلف لأنها أفردت تأليفا فبلغت نحو أربعين مؤلفا)

على إن كثرة هذه المؤلفات وان وفرت للمؤرخ مراجع البحث فإنها تقوم في الغالب على العصبية لإمام على إمام، فلا تخلو من سرف في المدح وسرف في الذم، وجدل فيما ينسب لهذا من المناقب وما ينسب لهذا من الهنات، ولا تخلو من اعتماد على روايات ظاهرة البطلان وعلى الأحلام والرؤى.

ومن أمثلة ذلك: ما ورد في كتاب مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان لمحمد بن شهاب المعروف بابن البزاز الكردي صاحب فتاوي البزازية المتوفى سنة ٨٢٧هـ ١٤٢٣م، من عقد فصل لصفة الإمام في التوراة.

وقلما تجد كتابا في مناقب الأئمة ألا وفيه باب لما رأى الإمام المترجم له في المنام وما رؤى له.

نعم لكل ذلك وزنه ودلالته في نظر الباحث، لكن التقصي لهذه المقالات في مصادرها والمقارنة بين رواياتها المختلفة واعتبار حجج المثبتين لها والمزيفين مما لا يدخل في غرضنا ولا يتسع له المقام.

غرضنا من هذا البحث أن ندرس ما يتعلق بأثر الشافعي في تكوين العلم الإسلامي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>