ولما كان وصف الأثر العلمي للأمام يستدعي تصوير شخصيه التي صدر عنها هذا الأثر، فأنى اجعل هذا البحث قسمين:
- ما يتعلق بالشافعي في خاصة نفسه من نشأته وسيرته.
- ما يتعلق بأثر الشافعي في وضع علم (أصول الفقه) وأتناولهما على هذا الترتيب.
أ - نشأة الشافعي وسيرته
يقول أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري المالكي المتوفى سنة ٤٦٣هـ في كتابه (الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء: مالك، والشافعي، وأبي حنيفة رضي الله عنهم) لإخلاف علمته بين أهل العلم والمعرفة بأيام الناس من أهل السير والعلم بالخبر والمعرفة بأنساب قريش وغيرها من العرب، وأهل الحديث والفقه أن الفقيه الشافعي رضي الله عنه هو محمد بن إدريس بن العباس ابن عثمان بن شافع بن السائب بن عبي ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن قهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ويجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف بن قصي، والنبي صلى الله عليه وسلم (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف).
والشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، وإلى شافع ينسب، وقد تقدم انه شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد ابن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي.
فالنبي صلى الله عليه وسلم هاشمي، والشافعي مطلبي، وهاشم والمطلب أخوان ابنا عبد مناف، ولعبد مناف أربعة بنون: هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس (ص٦٦) وهذا الذي لم يكن يعرف فيه ابن عبد البر خلافا من نسب الشافعي قد حدث فيه الخلاف.
قال فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى سنة ٦٠٦هـ - ١٢٠٩م في كتابه في مناقب الإمام الشافعي:
(وطعن الجرجاني وهو واحد من فقهاء الحنفية في هذا النسب وقال: إن أصحاب مالك لا يسلمون أن نسب الشافعي رضي الله تعالى عنه من قريش، بل يزعمون أن شافعا كان مولى لأبي لهب فطلب من عمر أن يجعله من موالي قريش فامتنع، فطلب من عثمان ذلك ففعل، فعلى هذا التقدير يكون الشافعي رضي الله تعالى عنه من الموالي لا من قريش).