وعرض الرازي للرد على هذه الدعوى بما لا نرى حاجة للإطالة به ما دام صاحب الطعن يعزوه إلى أصحاب مالك، وقد نقلنا عن أمام من أئمة المالكية ما ينقض هذه الدعوى التي يقول في أمرها الرازي:(واعلم أن الجرجاني إنما أقدم على هذا البهتان لأن الناس اتفقوا على أن أبا حنيفة كان من الموالي، ألا انهم اختلفوا في انه كان من موالي العتاقةأو من موالي الحلف والنصرة، وطال كلامهم في هذا الباب وأراد أن يقابل ذلك بمثل هذا البهت، وما مثله في إلا كما قال الله تعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)) ص٧ و٨
وقد يكون اصل هذه الحكاية ما ذكره الخطيب البغدادي في ترجمة للشافعي من أن أم شافع أم ولد.
فالشافعي من جهة أبيه قريشي مطلبي ليس في ذلك نزاع يقام له وزن، وان كانت أم جده ليست من العرب.
وقد ذكر الكثيرون ممن ترجم للشافعي: إن جده السائب اسلم يوم بدر، وكان صاحب راية بني هاشم مع المشركين فأسر ففدى نفسه وأسلم وروى: انه اشتكى فقال عمر: اذهبوا بنا نعود السائب ابن عبيد فانه من قريش، قال النبي صلى الله عليه وسلم: حين أتى به وبعمه العباس: هذا أخي.
أما ابنه شافع فلقي النبي وهو مترعرع، فالسائب بن عبيد صحابي، وابنه شافع صحابي، وأخوه عبد الله بن السائب والي مكة صحابي.
وروى ابن حجر العسقلاني الشافعي المتوفى سنة (٨٥٢هـ - ١٤٤٨م) في كتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) عند الكلام على عبد يزيد بن هاشم بن المطلب روايات قال على أثرها:
(وعلى هذا فيكون في النسب أربعة أنفس في نسق من الصحابة: عبد يزيد وولده عبيد، وولده السائب بن عبيد، وولده شافع بن السائب) ج٨ ص١٩٣
ويظهر أن بيت الشافعي كان بيت حكم وعلم في مكة. فقد رأينا أن عبد الله بن السائب أخا شافع بن السائب كان واليا لمكة.