مؤلفه وظروفه: هذا فتى أزهري يطل عليك وجهه في الصفحة الأولى من الكتاب، بعمامته الصغيرة، وجبته المزرورة، وبنيقته المراغية البيضاء. . . وما كنت تتوقع هذا ولا شك، وأحسبك ستدهش دهشتي حين تقرأ هذا فتسأل نفسك: ما لهذا الفتى الشيخ؟ وما جاء به إلى هنا؟ وستفكر في كل جواب لسؤالك إلا أن يكون هذا الشيخ الصغير هو مؤلف الكتاب. . .
إي وربي إنه هو مؤلفه، وإنه هو هو أحمد الشربيني جمعة الشرباصي الكشاف، بعمامته الصغيرة، وجبته المزرورة، وبنيقته البيضاء. . . كشاف أزهري بعمامة! لوددت والله بما تشاء من ثمن أن أرى هذا الكشاف الشيخ في ملابس الميدان، لأرى كيف يستر ركبتيه العاريتين في سراويله القصير وعلى رأسه عمامته وعلى ظهره راويته وسفرته. . .
هاهو ذا أزهري فتي يضرب المثل لإخوانه الأزهريين في الفتوة الرحيمة التي تعمل للإنسانية. يا له من فتى متمرد! لا، لا تسموه متمرداً، إنه فتى يعرف ما عليه من تبعات الرجولة في غد فأعد للغد عدته، فلا عليه إن كان هو وحده الفتى الكشاف في الأزهر الكبير وروافده. إنني لفخور به
ليت شعري، هذه فرق الكشافة تنتظم تلاميذ المدارس عامة فلماذا لا نرى في الأزهريين فرقة كشافة؟ أترى تلاميذ المدارس اللدن الصغار أقدر على خشونة الكشافة من شباب الأزهر، أم يرون الفتوة عاراً لا تليق برجال الدين. . .؟ إنهم لأصح جسماً وأوفر نشاطاً وأقدر على مشقات الكشف والرحلة من هؤلاء الصغار، وإنهم ليعلمون علم اليقين أن دينهم هو دين البساطة التي يؤثرها الكشاف، ودين القوة التي يدعو لها الكشاف، ودين النجدة التي يعد لها نفسه الكشاف، فأين هي فرق الكشافة في الأزهر وروافده؟
إن لدي لكلاماً كثيراً أخشى أن أقوله فيغضب من لا أريد أن يغضب، فحسبي ما قدمت من قول وحسب الأزهريين، وليس حسبهم أن يكون فيهم كشاف واحد يشعر بوجود نفسه هو هذا الكشاف!
وبعد فهذه خواطر من وحي هذا الكتاب في نفسي، وما أريد أن أعرف عنه بأكثر من ذاك؛ ولكنه كتاب نافع على كل حلا: نافع للأزهريين عامة ليعرفوا به عن الكشافة ما قد يحببهم فيها فيكونون جنودها، ونافع للكشافين عامة ليبصرهم بكثير مما قد يغيب عنهم من واجبات الكشاف، ونافع لمعلمي فرق الكشافة في مختلف المدارس لعلهم يجدون فيه مادة يدرسونها،