- تلطمين؟ إنك لبغدادية ظريفة يا ظمياء. ما يهمني أن تلطمي، وإنما يهمني أن أسمع بقية الحديث.
- لم تكن ليلى تقول إنها ترجع إلى المعرض لتبحث عن ذلك الفتى، وإنما كانت تدعي أنها تحب الوقوف على سر تقدم الزراعة والصناعة في الديار المصرية. وحملتها هذه الدعوى المزيفة على شراء عدة نماذج مما أنتجته حقول سملاي، وهي النماذج التي عرضها السيد محمد محمود.
- سمعت بمعروضات هذا السيد يا ظمياء.
- وكتبت ليلى مقالة في وصف المعرض نشرتها في جريدة (البلاغ).
- سبحان الله! لقد قرأت تلك المقالة في ذلك الحين وكنت أحسبها من إنشاء ليلى الصحيحة في حلوان.
- لا، يا سيدي، هي من إنشاء مولاتي، شفاها الله!
- آمين، ثم ماذا يا بلهاء؟
- قلت إن ليلى كانت تترد على المعرض بدعوى الاطلاع على أسباب تقدم مصر في الزراعة والصناعة، أما أنا فكنت أعرف ماذا تريد، وقد استمرت هذه الدعوى أسبوعين، ثم يئست ليلى مما تريد، فلم تذهب إلى المعرض بعد ذلك.
- وبهذا انتهت القصة؟
- لا يا سيدي، فقد زعمت ليلى أنها شبعت من المعرض، وشبعت من الأخبار الحديثة في القاهرة، وصرحت بأنها تحب أن ترى القاهرة المعزية، علها ترى ما يذكرها بأحياء بغداد؛ فصحبتنا ربة البيت إلى حي يسمى الغورية، فدخلنا الحمزاوي والفحامين، وشهدنا حارة اسمها وكالة (أبو زيد) وفيها تجارة السيد (. . . . . .) الذي يبيع أدوات السمنة للسيدات، فوقفت ليلى عنده لحظة، ثم انصرفت. وفي خان الخليلي رأينا سيدة ملفوفة كأنها من عقائل بغداد، فحيتنا على غير معرفة، فردّت ليلى التحية بلهفة واشتياق. وأحببت أن أعرف سر هذه الحماسة من ليلى، فنظرت إلي تلك السيدة فرأيت عينيها خضراوين!